256

تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

ژانرونه

[5.40-42]

{ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض } لما صار المقام مظنة خطور انه لا ينبغى ان يسقط الحد الذى ثبت عليه بمحاربته او سرقته بمحض توبته اجاب عنه بقوله، الم تعلم، والخطاب اما عام لمن يتأتى منه الخطاب او خاص بمحمد (ص) من قبيل اياك اعنى واسمعى يا جارة { يعذب من يشآء ويغفر لمن يشآء والله على كل شيء قدير يأيها الرسول } لما ذكر حال المحارب والمفسد فى العالم الكبير والعالم الصغير، وذكر حال السارق فى العالمين وعقوبتهم وما يسقط العقوبة عنهم من الوسيلة، صار الرسول (ص) لكونه رحمة للعالمين محزونا على منافقى امته الذين انصرفوا من الوسيلة وكفروا به، كأنهم سارقون صورة الاسلام وسارقون الكلم عن مواضعه وعلى اليهود الذين سرقوا القول للحكاية لقوم آخرين وسرقوا الكلم عن مواضعه، على ان الكل بوجه مفسدون فى الارض فناداه تسلية له (ص) بقوله تعالى { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } بالوسيلة { من الذين قالوا آمنا بأفواههم } كأنهم سرقوا الاسلام وأظهروه بلسانهم { ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب } بكثرة ما يقولون الكذب، فان التفوه بالكذب مستلزم لسماعه او سماعون لقولك ليكذبوا عليك؛ او سماعون للكذب لا الصدق لسنخيتهم للكذب { سماعون } كلامك لينقلوه { لقوم آخرين لم يأتوك } تكبرا ومناعة او حنقا وغيظا { يحرفون الكلم من بعد مواضعه } استيناف جواب سؤال مقدر لبيان حال المسارعين فى الكفر واليهود السماعين للكذب، او صفة لقوم آخرين لكن الاول اوفق واشمل والمراد بتحريف الكلم، اما تغييره فى اللفظ بزيادة او نقصان كما روى فى كثير من الآيات، واما صرفه عن مفهومه، واما صرفه عن مصداقه الذى وضعه الله او الرسول (ص) فيه، والمعنى يحرفون الكلم عن مواضعه من بعد ثبوته فى مواضعه وكأن المنظور بهذا اللفظ الاشارة الى كلم ولاية العهد من الله من قوله: { إنما وليكم الله ورسوله } (الآية) فانه لم يكن خلاف فى ان موضعه على (ع)، ومن الرسول (ص) بقوله: من كنت مولاه فعلى مولاه، فانه لم يكن خلاف فى انه ولاية العهد ولعلى (ع) { يقولون } اى المسارعون فى الكفر او القوم الآخرون { إن أوتيتم هذا فخذوه } يعنى ان اوتيتم ايها الموافقون فى طريقتنا هذا الذى قلناه فخذوه { وإن لم تؤتوه } بل اوتيتم غيره { فاحذروا } من قبوله، وقد ذكر فى سبب نزولها انها نزلت فى محاكمة يهود خيبر الى النبى (ص) ومحاكمة ابن صوريا للنبى (ص) وقد ذكر ايضا انه كان بين بنى قريظة وبنى النضير كتاب وعهد على انه اذا قتل رجل من بنى قريظة رجلا من بنى النضير ادوا القاتل اليهم ليقتل، والدية كاملة لان بنى النضير كانوا اقوى حالا واكثر مالا من بنى قريظة، واذا قتل رجل من بنى النضر رجلا من بنى قريظة ادوا القاتل اليهم ليركبوه على جمل ويولى وجهه الى ذنبه ويلطخ وجهه بالحمأة ويدفع نصف الدية اليهم، فقتل بعد مقدم النبى (ص) رجل من بنى قريظة رجلا من بنى النضير فطلبوا القاتل والدية على العهد الذى كان بينهم، فابى بنو قريظة وقالوا: هذا محمد (ص) بيننا وبينكم فهلموا نتحاكم اليه، فمشوا الى عبد الله بن ابى وكان حليفا لبنى النضير وقالوا له: سل محمدا (ص) ان لا ينقض عهدنا على بنى قريظة، فذهب عبد الله بن ابى اليه وقال له مثل ما قالوا، فنزل جبرئيل وقال: يحرفون الكلم الذى فى التوارة من بعد مواضعه، الآية { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا } حتى تقدر على منع فتنته واصلاحه { أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم } من الارجاس التى هى سبب الكفر والعقوبة { لهم في الدنيا خزي } بالقتل والاسر والجزية والاجلاء واظهار نفاق المناقق وتفضيحه وخوفهم جميعا من المؤمنين { ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت } تكرار السماع للكذب لابداء العلة فى الخزى والعذاب، والسحت كل حرام من الرشى فى الحكم وكل ما لم يأذن الله فى طريق تحصيله من ثمن الميتة والخمر واجر البغية واجر الكهانة واكل مال اليتيم والربا بعد البينة وفى بعض الاخبار واما الرشى فى الحكم فان ذلك الكفر بالله العظيم، وفى بعض الاخبار من ذلك قبول هدية على قضاء حاجة اخيه المؤمن، وفى بعض الاخبار عد ما اخذ من حق بمحاكمة الطاغوت سحتا { فإن جآءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } يعنى اذا جاءك اليهود للمحاكمة فانت مخير بين قبول محاكمتهم والاعراض عنهم { وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا } يعنى ان حكمت بينهم فلا يكن محاكمتك عن خوف منهم واستمالة لهم لانك ان تعرض عنه فلن يضروك شيئا حتى يكون اقبالك عليهم من خوف ضرر منهم { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } يعنى ينبغى ان يكون حكمك بما امرك الله به من القسط لا بما هم عليه من الكفر وعدم الحرمة { إن الله يحب المقسطين } فى المؤمن والكافر.

[5.43]

{ وكيف يحكمونك } يعنى انهم ان رضوا بحكم الله لا يلجأوا الى حكمك لانهم اهل كتاب الله { وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك } التحكيم عن حكمك لعدم موافقته لرأيهم وان كان موافقا لحكمهم، او ثم يتولون عن التوارة وعن حكم الله الذى فيه { ومآ أولئك بالمؤمنين } بكتابهم وبك، وفيه تعريض بالمنحرفين عن حكمه (ص) فى على (ع).

[5.44]

{ إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى } يهدى به للحق { ونور } يكشف به المبهمات، تعليل لعدم ايمانهم وتعريض بمن يعرض عن القرآن الذى فيه بيان الحق وكشفه من ولاية على (ع) { يحكم بها النبيون الذين أسلموا } صفة لبيان حالهم وتعريض بان من لم يرض بحكم القرآن لم يكن مسلما منقادا لله { للذين هادوا } يحكم بها { والربانيون } الذين طلبوا الحق بالرياضات والمجاهدات { والأحبار } الذين طلبوه بالعلم وطريق البحث { بما استحفظوا } استحفظه طلب منه حفظ شيء او جعله حافظا لشيء، ولفظة ما موصولة او مصدرية وفيه اشارة الى انهم كانوا حافظين لكتاب الله من التغيير او حافظين له فى صدورهم { من كتاب الله } التدوينى او احكام النبوة { وكانوا عليه شهدآء } يشهدون له على من يغيره، وعنهم (ع) فى بيان التعريض: هذه الآية فينا نزلت، والربانيون الائمة دون الانبياء الذين يربون الناس بعلمهم، والاحبار هم العلماء يعنى ان المقصود التعريض بامة محمد (ص) وانزال القرآن وان الحاكم به هم الائمة (ع) ومشايخهم الذين اجازوا لهم الحكم به { فلا تخشوا الناس } فى حكوماتكم ولا تعرضوا عما قررناه من الاحكام، والخطاب لمحمد (ص) ولما كان التعريض بامته جمع أمته معه فى الخطاب { واخشون } فانى احق بالخشية { ولا تشتروا بآياتي } التدوينية بان تغيروها وتبدلوها، ولا بآياتى التكوينية من النبى (ص) وقوله (ص) ومن الائمة الهداة { ثمنا قليلا } من الاعراض الدنيوية واغراضها، وقد مضى فى اول البقرة فى نظير الآية تفصيل تام لاشتراء الثمن القليل بالآيات { ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكافرون } اعلم، ان الآيات الثلاثة مذكورة ههنا بهذه الصورة من ترتب الكفر والظلم والفسق على عدم الحكم بما انزل الله، ويلزم منه ان يكون كل فرد من افراد الانسان حاكما بما انزل الله تعالى حتى لا يكون داخلا تحت الآيات، والحال ان اكثرهم لا يعلمون حكم الله وليس كل من يعلم حكم الله يؤذن له فى الحكم بين الناس، ولذلك فسروه بمن يحكم بغير ما انزل الله وهو اخص من الاول، لان عدم الحكم بما انزل الله اما بان لا يحكم اصلا او بان يحكم بغير ما انزل الله والتحقيق فى هذا المقام ان يقال: ان ما انزل الله غير مختص بالتدوينى بل هو اعم من التدوينى الذى اتى به الانبياء (ع) مسطورا فى الصحائف والالواح ومن التكوينى فى العالم الكبير من النبوات واحكامها التى نزلت من مقام الروح الى قلوب الانبياء (ع) ومنها الى صدورهم، ومنها الى الخلق من السياسات والعبادات القالبية، ومن التكوينى فى العالم الصغير من الاحكام العقلية النازلة من مقام العقل او ان البلوغ الى صدور الخلق فكل انسان له زاجرا آلهى وشيطان يغويه وكل انسان له الحكومة لا محالة، اما فى وجوده وعالمه الصغير لانه لا محالة لا يخلو عن حركة وسكون ولو فى الاكل والشرب وسائر الضروريات، وان كان له عيال ودار ففى اهل داره ايضا وان كان له خدم وحشم واموال ففيها ايضا، ولا بد لحركته وسكونه الاختياريين من محرك وباعث فالباعث ان كان الهيا فهو حاكم فى حركته وسكونه بما انزل الله من حكم العقل على صدره، وان كان شيطانيا فهو حاكم بغير ما انزل الله وهذا الحاكم بين الخلق ان كان الباعث له على الحكومة آلهيا كان حاكما بما انزل الله، وان كان شيطانيا كان حاكما بغير ما انزل الله ولم يحكم بما انزل الله، وان كان صورة الحكم صورة ما انزل الله فانه اذا حكم من لم يكن مأذونا من الله بلا واسطة كالانبياء (ع) او بالواسطة كأوصيائهم (ع) وكان حكمه بصورة ما انزل الله فى التدوين او فى النبوات كان حكمه بغير ما انزل الله وكان طاغوتا، وما ورد فى الاخبار من ان هذا مجلس لا يجلس فيه الا نبي او وصى او شقى؛ يدل على هذا، لان من جلس بغير الوصاية لم يكن جلوسه وحكمه بما أنزل الله بل بغير ما أنزل الله وبحكم الشيطان ولذلك علق الشفاعة التى هى والحكومة توأمان على الاذن فى عدة من الآيات، ومما ذكرنا ظهر ان عدم الحكم بما أنزل الله لازم مساو لحكم بغير ما أنزل الله لا انه أعم منه لان الانسان لا يخلو من حكومة ما، ومن لم يكن خاليا من الحكومة فكلما لم يحكم بما أنزل الله كان حاكما بغير ما أنزل الله لما عرفت من التلازم فصح ما ورد من تفسيره فى الاخبار بالحكم بغير ما أنزل الله؛ روى عن امير المؤمنين (ع) ان الحكم حكمان؛ حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية وهو دليل على ما قلنا.

[5.45]

{ وكتبنا عليهم فيهآ } اى فى التوارة وهو تقرير لعدم رضاهم بحكم الله وانهم رضوا بمحمد (ص) ليفروا من حكم التوراة { أن النفس بالنفس } مجمل محتاج الى البيان يعنى نفس المرء بالمرء والعبد بالعبد والانثى بالانثى او كان حكم التوارة عاما { والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } ذات قصاص والفقرات محتاجة الى تقدير آخر ايضا وهو ان النفس تقتل بالنفس والعين تفقأ بالعين وهكذا { فمن تصدق به } اى بالقصاص اى عفا عنه { فهو كفارة له } من ذنوبه { ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الظالمون } كرره ثلاث مرات لكمال الاهتمام به، لانه كما علمت معيار تمام الحركات والسكنات ومصحح العبادات والسياسات وبه قوام المعاش والمعاد، ولان الاول ناظر الى امة محمد (ص) لان الخطاب فى قوله فلا تخشوا الناس (الى آخره) كان لهم والثانى ناظر الى احكام التوراة واهلها، والثالث ناظر الى احكام الانجيل واهلها.

[5.46]

{ وقفينا على آثارهم } اى آثار النبيين والربانيين والاحبار الذين كانوا يحكمون بالتوراة { بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا } عطف على جملة فيه هدى ونور لانها حال ومنصوب محلا وكرره لان الاول حال من عيسى (ع) والثانى من الانجيل { لما بين يديه من التوراة وهدى } كرره لان الاول باعتبار اجزائه وهذا باعتبار المجموع، وايضا الاول وصف باعتبار معانيه والثانى للفظه وان كان باعتبار المعانى والتأكيد مطلوب ايضا { وموعظة للمتقين } لان الوعظ اضافة بني الواعظ والمتعظ ومن لم يتعظ لم يكن الوعظ وعظا له، والمتقون هم الذين يكون الوعظ وعظا لهم.

ناپیژندل شوی مخ