تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرونه
ثم اعلم، انه كل ما كان فى العالم الكبير كان انموذجه فى العالم الصغير بل التحقيق انه انموذج لما فى العالم الصغير خصوصا ان كان من قبيل الافعال الاختيارية او الحوادث اليومية، وما ورد فى الاخبار من بركة الاموال والاولاد والاعمار بصلة الارحام وحسن الجوار، وحبس الامطار بمنع الزكوة، وانتشار الوباء بكثرة الزنا يدل على ذلك، وكما ان آدم ابا البشر وحواء ام البشر خلقا فى العالم الكبير وهبطا الى الارض، آدم على الصفا جبل قرب المسجد الحرام ويشاهد منه البيت من باب المسجد المحاذى للصفا، وحواء على المروة التى هى ابعد من المسجد الحرام والبيت ولا يشاهد البيت منها، واول بطن من حواء كان قابيل مع توأمته وثانيه كان هابيل مع توأمته، واشير فى بعض الاخبار الى انه لم يكن لآدم اولاد غير اثنين ونزلت لاحدهما حورية من الجنة واتى لآخر بجنية وكثر نسل آدم منهما.
كذلك كان هبوط آدم (ع) وحواء (ع) فى العالم الصغير هبط احدهما على صفا النفس واعلاها واصفى اطرافها واقربها من بيت الله الحقيقى، والاخرى على مروة النفس وادناها واكدر اطرافها وابعدها من القلب، ولذلك سمى آدم (ع) بآدم (ع) لا دمته باختلاط على النفس وصافيها وحواء بحواء لحوته باختلاط ادانى النفس، لان الحوة خضرة الى السواد او حمرة الى السواد. واول بطن من حواء بعد ازدواجهما كان قابيل النوعى الذى كان الغالب عليه صفات النفس من الانانية والبخل والحسد والحقد والعداوة وحب الجاه والكبرياء بغلبة النفس وقوة صفاتها حينئذ، وثانى بطن منها كان هابيل الذى كما الغالب عليه صفات العقل لاستكمال النفس بمجاورة آدم (ع) وحواء وضعف صفاتها وغلبة صفات العقل، وكان كل منهما توأما لاخت له واراد آدم النوعى جذب قابيل واخته الى قرب العقل وتبديل صفاتهما النفسانية بالصفات العقلانية، فاراد تزويج اخته لهابيل وتزويج اخت هابيل له حتى يتبدل صفاتهما بذلك، وابى قابيل عن التبديل وعن الصعود الى مقام العقل وحسد اخاه واستبد برأيه فقتله فأصبح من الخاسرين لابطاله وافنائه بضاعته التى هى استعداده للصعود الى مقام العقل، وبقتل هابيل ينقطع الانسانية من العالم الصغير ويفنى الناس فى هذا العالم كلهم لان الناس كلهم فى هذا العالم كانوا من نسل هابيل وكان اناسى هذا العالم ابناء العقل الذى هو اسرائيل النوعى اى عبد الله وصفوة الله، كما كان قابيل وذريته هم الجنة والشياطين فى هذا العالم، وما لم يقتل هابيل العالم الصغير كان الحكم جاريا عليهم والتكليف باقيا لهم والخطاب من الله متوجها اليهم، واذا قتل هابيل وانقطع الاناسى لم يكن من الله حكم وخطاب وتكليف وكان الزنا والصلوة متساويين لهم؛ فمن قتل فى ملكه قابيل وجوده هابيل وجوده قتل الناس كلهم فى وجوده ولم يتوجه اليهم بعد خطاب وتكليف. فقوله تعالى { من أجل ذلك }.
[5.32]
{ من أجل ذلك } معناه من اجل قتل قابيل العالم الكبير هابيله الذى هو دليل قتل قابيل العالم الصغير هابيله { كتبنا } اى اثبتنا والزمنا تكوينا { على بني إسرائيل } اى على من بقى فى وجوده الانسانية وهم بنو العقل الذى هو اسرائيل، ولما كان بنو اسرائيل الشخصى فى العالم الكبير كلهم او اكثرهم على طريق الحق وكان كثير منهم انبياء (ع) وكان هذا الحكم اكثر ظهورا فيهم كان التفسير ببنى يعقوب صحيحا { أنه من قتل } فى العالم الكبير { نفسا } بازهاق روحه الحيوانى او قطع روحه الانسانى بدعوته الى الضلالة وصده عن طريق الهداية بمباشرته او بتسبيبه { بغير } قصاص { نفس أو } بغير { فساد } من المقتول { في الأرض } بقطع طريق ونهب مال واخافة للمسلمين بان يشهر السيف او يحمله بالليل الا ان لا يكون من اهل الريبة { فكأنما قتل الناس جميعا } لانه ما لم يقتل قابيل وجوده هابيل وجوده ولم يقطع الانسانية ولم يفن اناسى وجوده لم يرض بقتل نفس، فالقاتل قتل الناس جميعا فى وجوده وقتل نفسا بعده فى الخارج، ومن قتل الناس جميعا فى وجوده كان كمن قتل الناس جميعا فى الخارج، وايضا من قتل نفسا كان قد قتل وقطع رب النوع فى وجوده، ومن قتل رب النوع كان كمن قتل الناس جميعا، واشير فى الخبر الى وجه آخر، وهو ان فى جهنم لواديا من قتل نفسا واحدة ينتهى اليه، ومن قتل جميع الناس لا يتجاوزه { ومن أحياها } بانجائها من الهلاك الطبيعى او دعوتها الى هداية واحيائها بالحيوة الانسانية الايمانية { فكأنما أحيا الناس جميعا } لان احياء الناس لا يكون الا اذا صار قابيل وجوده مبدلا فى وجوده وصار جميع جنوده احياء بحيوة العقل { ولقد جآءتهم رسلنا بالبينات } اى المعجزات او احكام الشريعة القالبية او الدلائل الدالة السمعية والعقلية على هذا الحكم والتغليظ فيه { ثم إن كثيرا منهم } من بنى اسرائيل { بعد ذلك } اى بعد مجيء الرسل بالبينات او بعد هذا الحكم او بعدهما { في الأرض } ارض العالم الصغير او الكبير { لمسرفون } متجاوزون عن حدود الله بسفك الدماء واستحلال المحارم وغيرها كما فى الخبر ولما ذكر القتل وبالغ فى ذم من ارتكبه صار المقام مقام ان يسأل: ما حال من حارب اولياء الله (ع)؟ - فقال تعالى جوابا لهذا السؤال { إنما جزآء الذين يحاربون الله }
[5.33-34]
{ إنما جزآء الذين يحاربون الله } بمحاربة اوليائه وعباده المؤمنين { ورسوله } بمحاربة نفسه او خليفته او المؤمنين او بقطع طريقهم او قطع طريق من يريد الرسول (ص) والامام (ع) واقله ان يشهر السيف لاخافة مؤمن ويحمل السيف بالليل الا ان لا يكون من اهل الريبة { ويسعون في الأرض فسادا } مفعول مطلق ليسعون من غير فعله او بتقدير مصدر من السعى، والافساد فى الارض بقطع طريق ونهب مال وقتل نفس { أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض } وقد اختلف الاخبار فى ان العقوبات مخيرة او منوطة برأى الامام كيف شاء، او منوطة برأيه لكن بملاحظة الجناية ومقدارها واختياره العقوبة على قدر الجناية، وكذا فى النفى من الارض بأنه اخراج من المصر الذى هو فيه الى مصر آخر، مع انه يكتب الى ذلك المصر بانه منفى فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه الى سنة، او بأنه اغراق فى البحر، او بأنه ايداع فى الحبس { ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } ليس المراد بهذه التوبة هى التى بين الله وبين العبد من الندم على المعصية واجراء لفظ التوبة على اللسان، فانه لا تعلم الا باقرار التائب واقرار الشخص غير نافذ فيما هو له، بل فيما هو عليه بل المراد هى التى تكون مناط الاسلام او الايمان بقبول الدعوة الظاهرة او الدعوة الباطنة فانها ليست امرا بين الله وبين العبد فقط، بل لا بد فيها من قبول الرسول (ص) او الامام (ع) توبته والاستغفار له واخذ الميثاق منه، ومن استغفر الرسول (ص) او الامام له وقبل توبته فهو مغفور له مقبول توبته ومشهود له بالتوبة، لان الاسلام يجب ما قبله، ولما ذكر حال المحاربين والمفسدين وان عقوبتهم فى الدنيا وفى الآخرة اشد عقوبة وان من تاب على يد الرسول (ص) او الامام (ع) وتوسل بهما الى الله يسقط منه تلك العقوبة العظيمة، صار المقام مناسبا لان ينادى التائبين على يد محمد (ص) ويحذرهم عما يوجب تلك العقوبة ويرغبهم فيما يسقطها فيقول: { يا أيها الذين آمنوا }.
[5.35-36]
{ يا أيها الذين آمنوا } بالبيعة العامة { اتقوا الله } عما يوجب تلك العقوبة { وابتغوا إليه الوسيلة } التى تسقط تلك العقوبة، ولما كان الخطاب للمؤمنين كان المراد بالوسيلة المعرفة باللام من يقبل التوبة بعد الايمان بالرسول (ص) والتوبة على يده، وليس الا الامام الذى يدعو بالدعوة الباطنة الولوية ولذلك فسروها بأنفسهم { وجاهدوا في سبيله } كأن فيه اشعارا بان المجاهدة تكون بعد التوسل بالوسيلة، واما قبل الوسيلة فلا سبيل له حتى يجاهد فيه { لعلكم تفلحون إن الذين كفروا } بهذه الوسيلة وهو فى موضع تعليل لابتغاء الوسيلة { لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم } تمثيل للزوم العذاب وشدته وان من ابتلى به لا خلاص له.
[5.37-39]
{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } لان طريق الخروج من النار منحصر فى التوسل الى الوسيلة المذكورة من كفر به فلا طريق له الى الخروج { ولهم عذاب مقيم والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } لما ذكر حكم المحارب والمفسد فى الارض والكافر، ذكر حكم السارق الذى هو ايضا مفسد لكن لا الى حد القتل وشرائط السرقة المؤدية الى الحد من كونها من حرز وبلوغ المسروق الى ربع دينار وفى غير المجاعة، وشرائط القطع من الابتداء باليد وانه لا يقطع الا الاصابع الاربعة من اليد اليمنى من اصولها ويترك الابهام، وان الرجل اليسرى تقطع من دون العقب مذكورة فى الكتب الفقهية مفصلة وليس ههنا مقام تحقيقها وتفصيلها { جزآء بما كسبا نكالا من الله } عقوبة منه { والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه } بالتوبة الخاصة النبوية او الولوية من قبل قدرة الامام بقرينة السابق وببيان المعصومين (ع) { وأصلح } برد المسروق الى صاحبه فلا حد عليه كالمحارب { فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم } تعليل لما قبله.
ناپیژندل شوی مخ