تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرونه
{ صم بكم عمي } قد علمت فيما مضى ان السمع والبصر لكل منهما قوة الى الخارج وقوتان من جهة الباطن الى عالم الملائكة وعالم الجنة وقوتهما الى عالم الملائكة ذاتية وقوتهما الى عالم الجنة عرضية وختمهما عبارة عن سد قوتهما الى عالم الملائكة، والصمم والعمى عبارة عن سد القوتين اللتين هما الى عالم الملائكة بحيث لا يسمع من المسموعات جهتها الحقانية التى تؤدى الى عالم الملائكة ولا يسمع من عالم الملائكة ولا من الملك الزاجر ولا يبصر من المبصرات جهتها الحقانية وبعبارة أخرى مدارك الانسان مسخرة تحت حكم الخيال فان كان الخيال مسخرا تحت حكم العاقلة كان ادراكها من الجهة المطلوبة من ادراكها وان كان مسخرا تحت حكم الشيطان لم يكن ادراكها من الجهة المطلوبة منها وهكذا حكم اللسان { فهم لا يرجعون } عن دار الضلالة الى دار الهدى لعدم سماعهم نداء المنادى لهم الى دار الهدى والى طريق النجاة ولاصداء الغيلان فى دار الضلالة حتى يستوحشوا ولعدم ابصارهم مؤذيات دار الضلالة ولا ملذات دار السعادة ولا طريق الخروج منها الى دار السعادة ولعدم نطق لهم يستغيثون به بغيرهم ويذكرون مالهم من الآلام حتى يرحموا والمقصود من التمثيل الذى كثر فى كلام الله وكلام خلفائه بيان الاحوال الباطنة لاهل الانظار الحسية بالاحوال الظاهرة ولذلك قد يذكر المثل قبل اداة التشبيه وبعدها وقد يذكر نفس الاحوال كما فى قوله تعالى { أو كصيب من السمآء }.
[2.19]
{ أو كصيب من السمآء } اى حال المنافقين فى قرع الكلمات المهددة المندرجة فيها الرحمة المستنيرة بنورها القلوب اسماعهم كصيب اى مطر او سحاب فهو معطوف على قوله كمثل الذى استوقد لا على الذى استوقد كما قيل { فيه ظلمات } ظلمة الليل وظلمة تتابع المطر وظلمة تراكم السحاب.
تحقيق الرعد والبرق والسحاب والمطر
{ ورعد وبرق } اعلم ان السحاب والرعد والبرق من جملة كائنات الجو وسبب تكون السحاب تصاعد البخار من الاراضي الرطبة المتسخنه بالشمس او بكونها كبريتية او مالحة سبخة فاذا تصاعد البخار ووصل قبل تحلله واستحالته الى الهواء الى قريب كرة الزمهرير تراكم وصار سحابا حاجبا لما وراءه، والبخار عبارة عن أجزاء رشية مائية مختلطة بأجزاء هوائية وبعد التراكم يجتمع الاجزاء المائية ويستحيل شيئ من الاجزاء الهوائية الى الماء فان لم تنعقد ببرودة الهواء صارت مطرا، وان انعقدت بعد الاجتماع صارت بردا، وان انعقدت قبل الاجتماع التام صارت ثلجا، وقد يتصاعد من الاراضى السبخة والكبريتية دخان مختلط مع البخار، والدخان مركب من الاجزاء الارضية والاجزاء النارية المختلطة بالاجزاء الهوائية، فاذا وصل ذلك البخار الى كرة الزمهرير وتراكم واحتبس الاجزاء الدخانية بين الاجزاء البخارية والحال ان الاجزاء الارضية مائلة بالطبع الى السفل والاجزاء النارية مائلة بالطبع الى العلو فما دام النارية غالبة يتحرك الاجزاء الدخانية من بين السحاب الى العلو بالشدة وان كانت الاجزاء الارضية غالبة تتحرك الى السفل بالشدة وبحركتها الشديدة تخرق السحاب الذى هو أغلظ من الهواء ويحصل من خرقها الصوت الذى يسمى رعدا، فان كان مادة الدخان لطيفة يشتعل بتسخين الحركة وسخونة الاجزاء النارية وينطفى بسرعة ويسمى برقا، وان كانت غليظة يشتعل ولا ينطفى بسرعة بل يبقى حتى يصل الى الارض ويسمى صاعقة، ولا ينافى ما ذكر ما ورد فى الاخبار من ان الرعد أصوات أسواط الملائكة الموكلة على السحاب { يجعلون أصابعهم في آذانهم } حال او صفة او مستأنف جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ما حال الناس والضمير راجع الى الناس المستفاد بالملازمة { من الصواعق } من اجل الصواعق جمع الصاعقة { حذر الموت } من خرق صوت الصاعقة اصمختهم او ضمير يجعلون راجع الى المنافقين كأنه سأل سائل عن حال المنافقين الممثل لهم، ويكون الصواعق حينئذ مجازا عن الكلمات التى تقرع أسماعهم مما فيه تهديد ووعيد شديد وهذا أوفق بقوله { والله محيط بالكافرين } اى بهم فوضع الظاهر موضع المضمر اشعارا بذم آخر لهم، هذا على ان يكون ضمير يجعلون راجعا الى المنافقين والجملة حالا من فاعل يجعلون والمعنى لا ينفعهم الحذر اذ لا يمكن الفرار من حكمه.
[2.20]
{ يكاد البرق يخطف أبصارهم } جواب سؤال آخر كأنه قيل، ما حال الممطرين او المنافقين مع البرق، و الخطف الاذهاب بسرعة، او حال مترادفة او متداخلة { كلما أضآء لهم مشوا فيه وإذآ أظلم عليهم قاموا } استئناف آخر وجواب سؤال ثالث او حال مترادفة او متداخلة، واضاء متعد ولازم وكذلك أظلم وان كان متعدية فى غاية القلة والمعنى كلما اضاء الله او البرق ما حولهم او الطريق مشوا فى الضياء او فى ما حولهم او فى الطريق، واذا أظلم الله ما حولهم او اذا أظلم ما حولهم او الطريق او المعنى كلما اضاء ما حولهم او الطريق، واذا أظلم ما حولهم او الطريق، ولما كان الانسان بالفطرة كادحا الى الله والى الخيرات فكلما وجد معينا من عالم النور سعى اليه لا محالة، واذا لم يجد المعين من عالم الخيرات قد يقف وقد يسعى بفطرته ولذلك أتى بالشرطية الاولى كلية وبالثانية مهملة { ولو شآء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } مفعول شاء محذوف بقرينة الجواب ومثله كثير فى كلامهم لا يذكر المفعول الا قليلا وقد مضى وجه افراد السمع والمعنى لو شاء الله ان يذهب بسمعهم بالصاعقة وببصرهم بوميض البرق، او لو شاء الله ان يذهب بسمعهم حتى لا يسمعوا صوت الرعد والصاعقة، او المعنى لو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم حتى لا يسمعوا كلمات التهديد والوعيد، ولا يبصروا آيات الله الدالة على حقيته وحقية نبيه على ان يكون الالتفات الى الممثل له ويكون الضمائر راجعة الى المنافقين والجملة عطف على الشرطية السابقة او حال او مستأنفة على تجويز اتيان الواو للاستئناف { إن الله على كل شيء قدير } استئناف لتعليل السابق والشيء من المفاهيم العامة الشاملة للواجب والممكن ولا اختصاص له بالممكن وعلى هذا فعمومه مخصص بما سوى الواجب تعالى، والقدرة فسرت بصحة الفعل والترك وهذا للمتكلمين، ولا يصح تفسير قدرة الله به لانه يلزم منه ان يكون نسبة الافعال اليه تعالى بالامكان والحال ان واجب الوجود بالذات واجب من جميع الجهات كما حقق فى محله، وفسرت بكون الفاعل فى ذاته ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل؛ وهذا يعم قدرة الواجب والممكن لعدم اقتضاء الشرطية امكان وضع المقدم بل تصح مع ضرورة وضع المقدم وامكانه، ولما انساق ذكر الكتاب الى فرق الناس من المتقين وما هم عليه وما هو لهم، ومن الكفار وما هم عليه وما هو عليهم، ومن المنافقين وما هم عليه وما هو عليهم عقب ذلك بالامر بالعبادة المستعقبة للتقوى المستعقبة لما ذكر للمتقين كأنه نتيجة له وفرع على ذكر الفرق وما لهم وما عليهم وصدر الكلام بالنداء تهييجا لنشاط السامع بلذة المخاطبة اهتماما بشأن العبادة وعدل عن الغيبة الى الخطاب بطريق الالتفات فى الكلام تجديدا لنشاطه فى العبادة فقال:
{ ياأيها الناس اعبدوا ربكم }.
[2.21]
{ ياأيها الناس اعبدوا ربكم } صيروا عبيدا له بالخروج من رقية أنفسكم وأهويتها او افعلوا له فعل العبيد لمواليهم بان لا يكون حركاتكم الا من امره ونهيه او افعلوا صورة ما جعله الله افعال عبيده من الاعمال المقررة فى الشريعة، والرب قد يطلق ويراد به رب الارباب اى الواجب الوجود بالذات وهو المعبود على الاطلاق، وقد يطلق ويراد به الرب المضاف وهو علوية على (ع) فانه ظهور الرب المطلق وعنوانه وما يخبر به عنه فانه تعالى شأنه من غير هذا الظهور والعنوان لا خبر عنه ولا اسم ولا رسم فلا يعبد، واما بعد ظهوره بهذا العنوان فهو يدرك ويخبر عنه ويعبد، وهذا العنوان لكونه ظهورا للرب المطلق ومضافا الى الخلق يسمى بالرب المضاف وقد ورد فى بيان قوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا ان المراد به الرب المضاف وهو على (ع) ولا يبعد ان يراد بالرب هنا الرب المضاف ولا ينافيه التوصيف بالخالقية لانه واسطة خلق الخلق كما ورد خلق الله الاشياء بالمشيئة والمشيئة بنفسها، وعلوية على (ع) هى المشيئة، واذا اريد الرب المضاف فالمراد بالعبادة عبادة الطاعة، وقد يطلق الرب ويراد به ما يسمونه ربا من الله والاصنام والكواكب والسلاطين { الذي خلقكم } التوصيف لتعليل الامر لا لتقييد الرب او لتقييد الرب على المعنى الثالث للرب والتعليل جميعا { والذين من قبلكم لعلكم تتقون } استئناف بيانى لبيان علة الامر بالعبادة او علة العبادة او علة الخلق وفى تفسير الامام (ع) اشارة الى تعدد الوجوه وورد فى كثير من الاخبار عنهم للآيات تفاسير مختلفة ونقل عنهم فى بعض الآيات وجوه عديدة وهذا من سعة وجوه القرآن ومن باب صحة الحمل على الكل بحسب المقام المقتضى لكل، وما نقل ان القرآن ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه؛ لا ينافى اختلاف التفاسير، فان المقصود من الحمل على أحسن الوجوه الحمل على ما هو أحسن الوجوه بحسب مقام البيان لا الحمل على أحسن الوجوه مطلقا.
ناپیژندل شوی مخ