184

تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

ژانرونه

{ إن الذين تولوا منكم } جواب لسؤال مقدر عن حال المتولين عن القتال ولما ذمهم الله تعالى بابلغ ذم وصار الاعتذار عنهم باستزلال الشيطان والعفو عنهم محلا للشك اتى فى الجواب بتأكيدات فقال: ان الذين تولوا منكم { يوم التقى الجمعان } جمع المؤمنين وجمع المشركين فى احد { إنما استزلهم } طلب زلتهم او ازلهم { الشيطان ببعض ما كسبوا } من ذنوبهم السالفة وقيل: من خلافهم لقول الرسول وتركهم مراكزهم وقيل: بذكر بعض ما كسبوا فكرهوا القتال لئلا يقتلوا قبل التوبة وهما ينافيان ما وقع من فرار الكل وان الفارين اكثرهم كانوا منافقين غافلين من المعصية بل غير عادين المعصية معصية وقد ذكر انه لم يبق يوم احد مع النبى (ص) الا ثلاثة عشر نفرا خمسة من المهاجرين وثمانية من الانصار وكان المهاجرون عليا وابا بكر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابى وقاص وقد اختلف فى الجميع الا فى على وطلحة، وروى عن عمر بن الخطاب انه قال ورأيتنى اصعد فى الجبل اردى ولم يرجع عثمان من الهزيمة الا بعد ثلاث { ولقد عفا الله عنهم } لما تابوا واعتذروا كرر ذكر العفو تطميعا وترغيبا للمذنبين فى العفو ومنعا لهم عن اليأس وتحسينا لظنون المؤمنين { إن الله غفور } يغفر لمن يعترف ويندم { حليم } لا يعاجل بالمؤاخذة انتظارا للتوبة واتماما للحجة.

[3.156]

{ يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا } كفر نفاق او مطلقا { وقالوا لإخوانهم } اى لاجل اخوانهم وفى حقهم ومعنى اخوتهم مناسبتهم لهم فى النفاق وضعف الاعتقاد او الكفر { إذا ضربوا } اى الاخوان { في الأرض } سافروا للتجارة وغيرها ولم يقل اذ ضربوا بلفظ اذ التى هى للماضى لتصوير الماضى حالا حاضرا { أو كانوا غزى } غازين { لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم } متعلق بقالوا { والله يحيي } اى يحدث الحياة فى النطفة التى لا حياة لها ويبقيها فى الحياة لا الاقامة فى البيوت { ويميت } لا السفر والغزا { والله بما تعملون بصير } ترغيب وترهيب.

[3.157]

{ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم } فى سبيله { لمغفرة } عظيمة { من الله ورحمة } عظيمة حاصلة لكم خير مما يجمعون } اى هؤلاء المنافقون او الكفار او سائر الناس من حطام الدنيا واعراضها فى الحياة الدنيا.

[3.158]

{ ولئن متم أو قتلتم لإلى الله } الذى هو مولاكم وولى امركم وحبيب قلوبكم ومنتهى طلبتكم { تحشرون } فما لكم تكرهون الموت او القتل، وقدم القتل فى الآية الاولى للاهتمام به فى ترتب الجزاء بخلاف الآية الثانية فان ترتب الجزاء فيها لا خصوصية للقتل فيه والموت هو الفرد الشائع من الشرط فالاهتمام بتقديمه اكثر.

[3.159]

{ فبما رحمة من الله } الفاء للترتيب فى الاخبار والباء سببية وما زائدة للتأكيد وتنكير الرحمة للتفخيم { لنت لهم } يعنى برحمة عظيمة نازلة من الله عليك لنت لهم فكن شاكرا لنعمه { ولو كنت فظا } سيء الخلق خشن الكلام { غليظ القلب } لا رقة ولا رأفة فيه { لانفضوا } لتفرقوا { من حولك } ولم يسكنو اليك { فاعف عنهم } يعنى اذا علمت ان لين الجانب ولين الكلام رحمة ونعمة من الله، وان سوء الخلق وقساوة القلب بالنسبة اليهم مورث لتفرقهم فاجتهد فى المداراة معهم واعف عن اساءتهم بالنسبة اليك { واستغفر لهم } ما بينى وبينهم حتى يرغبوا فيك اشد رغبة ويسكنوا اشد سكون { وشاورهم في الأمر } اى فى الحرب مخصوصا او فى كل ما يصح المشاورة فيه تطييبا لنفوسهم وتحبيبا لهم اليك واستظهارا برأيهم وتسنينا لسنة المشاورة فى امتك لان فى المشاورة رفعا للملامة والندامة فى العمل وجلبا للبركة فيه لان فى اتفاق النفوس اثرا ليس فى انفرادها بالامر بل نقول: ان لم يكن فى الامر الذى يشاور فيه ويتفق نفوس عليه خير يجعل الله فيه خيرا لا محالة فلا ينبغى ترك المشاورة فى الامور { فإذا عزمت } بعد المشاورة والاتفاق على امر { ف } لا تعتمد على الشورى واتفاق الآراء فان الصلاح والفساد فى الامور بيد الله { توكل على الله } فاعتمد على الله بأخذه وكيلا فى امورك واصلاحها { إن الله يحب المتوكلين } ولا شرف فوق محبة الله؛ ترغيب فى التوكل.

اعلم ان التوكل والتسليم والتفويض متقاربة المفهوم ويستعمل كل فى معنى الآخرين والفرق بينهما فى غاية الدقة لان التوكل اخذ الله وكيلا فى امورك، والتسليم عرض امورك عليه، والتفويض الخروج من نسبة الامور بل من نسبة الانانية الى نفسك، ففى التسليم تبجيل ليس فى التوكيل، وفى التفويض تبجيل لا يدع للمفوض التفاتا الى التبجيل ايضا.

ناپیژندل شوی مخ