تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرونه
[الأنعام:152] اشتد ذلك على من كان عنده يتيم فسألوا رسول الله (ص) عن ذلك فقال الله تعالى له (ص) { قل } يا محمد { إصلاح لهم } بحفظ نفوسهم وتربيتهم وتكميلهم وحفظ أموالهم وتنميتها وتوفيرها { خير } من الاهمال والاعراض حتى يهلك نفوسهم ويتلف اموالهم { وإن تخالطوهم } فى المسكن والمعاشرة او فى المأكول والمشروب او فى الاموال { فإخوانكم } فى الدين اى فهم اخوانكم ومن حق الاخ على الاخ المخالطة وعدم الفرق بينه وبين نفسه بل ترجيحه على نفسه فى حفظ النفس والمال والأكل والشرب، فاحذروا من الخيانة وترجيح أنفسكم عليهم وافسادهم فى أنفسهم وأموالهم فان خنتم او أصلحتم فلكم الجزاء على حسبه { والله يعلم المفسد من المصلح } فلا يعزب شيء عن علمه حتى لم تجزوا بحسبه وقد ورد السؤال كثيرا عن امر الايتام ومخالطتهم والدخول على من عنده ايتام واكل الغذاء معهم وخدمة خادم الايتام لهم وغير ذلك وكانوا يجيبون بما حاصله انه ان كان فيه صلاح الايتام فلا بأس والا فلا، بل الانسان على نفسه بصيرة فيعلم قصده ونيته من المخالطة والدخول والأكل وغير ذلك { ولو شآء الله لأعنتكم } فى امر الايتام بعدم الترخيص فى المخالطة والامر بحفظ اموالهم وأنفسهم مع المداقة فى امرهما { إن الله عزيز } لا يمنعه مانع مما يشاء ومما يحكم { حكيم } لا يفعل الا ما اقتضته الحكمة واستعداد النفوس واستحقاقها والجملة استئناف بيانى تعليل لتلازم الجزاء للشرط ولرفع المقدم كأنه قال: لو شاء الله لاعنتكم لأنه عزيز لا يمنع من مراده ولكنه لم يشأ لانه حكيم لا يفعل ما فيه مشقة الانفس من غير استحقاق.
[2.221]
{ ولا تنكحوا المشركات } عطف باعتبار المعنى فان قوله تعالى: { قل إصلاح لهم خير } وقوله تعالى: { وإن تخالطوهم فإخوانكم } معناه: أصلحوا لهم وخالطوهم نحو مخالطة الاخوة ووجه المناسبة أنهم كانوا يتكفلون اليتيمة ويخالطونها فى بيوتهم للنكاح ان كانت ذات مال، وان لم تكن ذات مال أعرضوا عنها، وربما كانت تجتمع عند الرجل عدة نساء من اليتامى لم يكن يقوم بحقوقهن فقال تعالى بطريق العموم: ولا تنكحوا المشركات من اليتامى وغيرهن { حتى يؤمن } ولا منافاة بين هذه الآية وبين آية احلال الكتابيات حتى يكون احداهما ناسخة للاخرى { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } بجمالها او مالها او حسبها او نسبها { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك } المشركون والمشركات { يدعون إلى النار } اى الى الشرك المؤدى الى النار فحقهم عدم المخالطة والمصاهرة { والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة } حق العبارة ان يقول: والمؤمنون والمؤمنات يدعون الى الجنة لكنه عدل عنه اشعارا بان دعاء المؤمنين دعاء الله.
تحقيق تكيف النفوس من مجاورها
اعلم ان نفس الانسان قبل ان تستكمل وتتمكن فى شيء من السعادة والشقاوة قابلة محضة تتأثر من كل ما تجاوره كالمرآة الصافية التى ينطبع فيها كل ما يواجهها والمسلم والمسلمة والمؤمن والمؤمنة بواسطة الاتصال بالنبى (ص) والولى (ع) بالبيعة العامة او الخاصة ينطبع فى نفس كل منهم فعلية ما من النبى (ص) او الولى (ع) وكل من يجاوره يتأثر مما انطبع فيه والمشرك والمشركة سواء كان الشرك بالله او بالرسالة او بالولاية ينطبع من الشيطان فعلية ما فى نفس كل منهما وكل من يجاوره يتأثر مما انطبع فيه وينطبع فيه شيء ما منه، ومنه يعلم وجه خيرية العبد المسلم والامة المسلمة من المشرك والمشركة فانهما مظهران للنبى (ص) وهما مظهران للشيطان، ويعلم ايضا وجه العدول الى قوله تعالى: { الله يدعو الى الجنة } فان فعلية النبى (ص) بما هو نبى فعلية من الله ويظهر وجه نسبة الدعوة الى المشركين بطريق العموم وتأدية الفعل بالمضارع الدال على الاستمرار مع ان اكثر المشركين لا يدعون احدا ومن يدعو لا يدعو مستمرا، وهكذا الحال فى جانب المسلمين لان هذا التأثر والانطباع لا يكون باللسان والاستماع بل قد يكون اللسان والسماع معدين له { بإذنه } اى باباحته وترخيصه وهو متعلق بيدعو وبه وبيدعون على سبيل التنازع والمقصود ان دعاء المشركين والمسلمين ليس بدون اذن الله تعالى وترخيصه لان جعله تعالى النفوس بحيث تنطبع فيها فعلية مجاورها وفعلية الشيء بحيث تؤثر فيما تجاوره انما هو بجعله تعالى وجعله اذنه التكوينى { ويبين آياته } عطف على يدعو يعنى ان هذه الدعوة التكوينية من آيات حكمته وقدرته تعالى وتأثر المجاور وظهور تلك الدعوة فيه بيان للآيات، او المراد انه يبين احكامه الشرعية بلسان أنبيائه (ص) وأوصيائهم (ع) { للناس لعلهم يتذكرون } بدقائق الحكم المودعة فى الآيات بسبب ظهور آية الشرك من المشرك والمشركة وآية الاسلام من المسلم والمسلمة فيهم او بسماع الآيات والاحكام من الانبياء عليهم السلام.
[2.222]
{ ويسألونك عن المحيض } من حيث المجامعة بقرينة الجواب؛ كانوا يجتنبون النساء فى الشرائع السابقة حال الحيض أشد اجتنابا من هذه الشريعة على ما نقل، والانسانية تكره مضاجعتهن فى تلك الحالة فكانوا يسألون بعد بعثته (ص) عن ذلك { قل هو أذى } للانسانية من حيث استقذاره ولنفس الانسان من حيث تأثرها وغلبة الحيوانية عليها حتى تستلذ المضاجعة ولا تكرهها حينئذ، ولبدن الرجال من حيث تأثر الالة من اثر الدم وكيفيته حتى يورث بعض الامراض ولبدن النساء بوجه { فاعتزلوا النسآء في المحيض } كناية عن ترك المجامعة كما ان المجامعة والمضاجعة والمقاربة كلها كنايات عن النكاح { ولا تقربوهن حتى يطهرن } من الدم بالانقطاع وقرئ { يطهرن } بالتشديد من التطهر فيكون المراد التطهر بالاغتسال او الوضوء او غسل الفرج { فإذا تطهرن } ان قرئ الاول بالتخفيف كان حكم حالة الدم وحكم ما بعد الاغتسال او الوضوء او غسل الفرج منصوصا وحكمهن بعد انقطاع الدم وقبل ذلك مجملا، وان قرئ الاول بالتشديد كان حكم ما بعد ذلك اباحة المقاربة وحكم ما قبله الاعتزال وجوبا او استحبابا وكيف كان فالآية مجملة محتاجة الى البيان { فأتوهن من حيث أمركم الله } اى من مكان وثقبة أمركم الله بالاتيان منه ولا تأتوهن من مكان لم يأمركم الله بالاتيان منه، فعلى هذا كانت الآية دالة بمنطوقها على اباحة الاتيان من الفروج وبمفهومها على عدم اباحة الاتيان من غير الفروج، او المعنى فأتوهن من حيثية امره تعالى لا من حيثية محض الشبق او نهيه، او من حيث أمره يعنى غاية امره مثل الاستيلاد واستفراغ البدن وفراغ البال من الخطرات الناشئة من امتلاء الاوعية الإستئناس وسكون النفس والمقصود من هذا القيد ان يكون النظر فى المضاجعة الى نفس أمره او غاية أمره من دون غفلة عنه تعالى فان المضاجعة مع الغفلة لا تكون الا بشركة الشيطان او استقلاله؛ وعلى هذا فالآية تدل بمفهومها على النهى عن اتيان المحرمات بالذات او بالعرض وعن الاتيان من الادبار وعن الاتيان مع الغفلة عن الامر وغاياته، وقوله تعالى { إن الله يحب التوابين } يدل على هذا فان التواب من كان كثير المراجعة الى الله فى الكثرات فكأنه قال: كونوا كثيرى النظر الى الامر وكثيرى الرجوع فى جميع أحوالكم اليه تعالى والى أمره حتى فى أخس أحوالكم الذى هو اتيان النساء لان الله يحب كثيرى الرجوع الى الله والى امره { ويحب المتطهرين } من الاقذار الجسمانية بالماء فان الطهارة الكاملة من الاقذار لا تحصل الا بالماء ومن الادناس النفسانية والفضلات الشيطانية بماء الامر الالهى، نسب الى الصادق (ع) انه قال: كان الناس يستنجون بالكرسف والاحجار ثم احدث الوضوء وهو خلق كريم فأمر به رسول الله (ص) وصنعه فأنزل الله فى كتابه ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وعنه (ع) ان الآية نزلت فى رجل من الانصار اكل الدباء فلان بطنه فتطهر بالماء ولم يكن ديدنهم قبل ذلك التطهير بالماء.
[2.223]
{ نسآؤكم حرث لكم } الحرث له معان لكن المناسب هاهنا معنى الزرع، وحمل المعنى على الذات بأحد الوجوه التى ذكرت فى حمل المعنى على الذات، والمقصود المبالغة فى كونهن محل الزراعة بحيث كأنهن لا شأن لهن الا الزرع { فأتوا حرثكم } من حيث كونهن حرثا لكم وبعدما ذكر عند قوله تعالى: { فأتوهن من حيث أمركم الله } من مفهوم المخالفة واعتبار حيثية وصف العنوان هاهنا لا يبقى شك لاحد فى عدم اباحة الادبار او كون حكمه من المجملات لا ان اباحته مستنبطة من الآية { أنى شئتم } كيف شئتم، او فى اى ساعة شئتم، او فى اى مكان شئتم، واما معنى من اى مكان شئتم وارادة الثقبتين منه فيجوز استعمال انى شئتم فيه لكن ينافيه تعليق الاتيان على عنوان الحرث ولو سلم عدم المنافاة بسبب عدم اعتبار حيثية العنوان فى الحكم كانت الآية بالنسبة الى الادبار مجملة متشابهة فالاستدلال على الاحلال بهذه الآية ليس فى محله، نسب الى الرضا (ع) انه قال: ان اليهود كانت تقول: اذا اتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده احول فأنزل الله تعالى { نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } من خلف وقدام خلافا لقول اليهود ولم يعن فى ادبارهن، فقوله من خلف وقدام اشارة الى جعله (ع) { أنى شئتم } بمعنى من انى شئتم لكن نفى ارادة الادبار، وقيل أنكرت اليهود الوطئ اذا كانت المرأة قائمة او قاعدة فرد الله عليهم { وقدموا } امر الله على امر الشيطان او على امر النفس او على العمل فى اتيان النساء او فى كل عمل { لأنفسكم } اى لانتفاع أنفسكم التى هى مقابلة عقولكم وطبائعكم والمقصود انكم اذا قدمتم فى اتيان النساء الامر الالهى واتيتموهن من جهة الامر كان انتفاعه للانفس المقتضية لمخالفة الامر والغفلة عنه او لانتفاع ذواتكم فانه اذا كان الفاعل والمفعول واحدا فى غير باب علم يتخلل الانفس بين الفعل ومفعوله او المعنى قدموا أنفسكم بزيادة لام التقوية يعنى قدموا ذواتكم على الشيطان او على النفوس المقتضية لمخالفة الرحمن فى الاعمال ولا سيما الاعمال الموافقة للنفوس كاتيان النساء حتى لا تغلب عليكم فتلهيكم عن أمره او يكون قدموا بمعنى تقدموا اى تقدموا على الشيطان او على الانفس لانتفاع انفسكم او ذواتكم { واتقوا الله } فى تقديم أمر الشيطان او امر النفس او تقدم واحد منها عليكم { واعلموا أنكم ملاقوه } فى الآخرة او فى الحال الحاضر ولذا أتى باسم الفاعل المتبادر منه الزمان الحاضر يعنى اذا علمتم انكم فى حال العمل ملاقو الله او فى حال الجزاء ملاقوه اجتنبتم القبيح وتقديم الشيطان وهوى النفس { وبشر المؤمنين } صرف الخطاب منهم اليه (ص) لانه اهل التبشير او الخطاب عام وهذا الكلام أمر ونهى ووعد ووعيد.
[2.224]
ناپیژندل شوی مخ