ذهب علي، وابن عمر، والشعبي إلى أن من أفطر لعذر كمرض أو سفر قضاه متتابعا، وحجتهم أن القضاء نظير الأداء، فلما كان الأداء متتابعا، فكذلك القضاء.
وذهب الجمهور إلى أن القضاء يجوز فيه كيف ما كان، متفرقا أو متتابعا، وحجتهم قوله تعالى: { فعدة من أيام أخر } فالآية لم تشترط إلا صيام أيام بقدر الأيام التي أفطرها، وليس فيها ما يدل على التتابع فهي نكرة في سياق الإثبات، فأي يوم صامه قضاء أجزأه.
واستدلوا بما روى عن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال: " إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه، إن شئت فواصل وإن شئت ففرق ".
الترجيح: والراجح ما ذهب إليه الجمهور لوضوح أدلتهم والله أعلم.
الحكم السابع: ما المراد من قوله تعالى: { وعلى الذين يطيقونه فدية }؟
يرى بعض العلماء أن الصيام كان قد شرع ابتداء على التخيير، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وافتدى، يطعم عن كل يوم مسكينا، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا رأي الأكثرين واستدلوا لما رواه البخاري ومسلم عن (سلمة بن الأكوع) أنه قال: لما نزلت هذه الآية { وعلى الذين يطيقونه } كان من شاء منا صام، ومن شاء أفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا مروي عن ابن مسعود، ومعاذ، وابن عمر وغيرهم.
ويرى آخرون أن الآية غير منسوخة، وأنها نزلت في الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي يجهده الصوم، وهذا مروي عن ابن عباس.
قال ابن عباس: (رخص للشيخ الكبير أن يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينا، ولا قضاء عليه).
وروى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.
وعلى هذا تكون الآية غير منسوخة، ويكون معنى قوله تعالى: { وعلى الذين يطيقونه } أي وعلى الذين يقدرون على الصوم مع الشدة والمشقة، ويؤيده قراءة { يطوقونه } أي يكلفونه مع المشقة.
ناپیژندل شوی مخ