وغُذِّيَ بالحَرام قال: "فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ" (^١) وهو سُخرية، لو أنك أَتَيْت بشَخْص - ولله المثل الأعلى - ليَتوجَّه لك إلى ملِك كان الملِك يُبغِض هذا الشَّخْص ويُبعِده، يَكون هذا استِهْزاء بالمَلِك واستِهْتارًا به، كلُّنا يَعرِف هذا، فلا يَجوز أن تَتوَسَّل إلى الله تعالى بدُعاء مَن لا تُرجَى إجابتُه، لأن هذا من باب السُّخرية بالله ﷿، هذه سَبْعة أقسام من التَّوسُّل الجائِز.
فائدة: الوَسائِل ليسَت هي الوَسائِطَ، الوسائِلُ ليس فيها وسائِطُ إلَّا السابِعة، وهي التَّوسُّل إلى الله بدُعاء مَن تُرجَى إجابتُه.
وإن قيل: لماذا أَخرَج العُلَماء التَّوسُّل إلى الله بالعمَل الصالِح عن التَّوسُّل بالإيمان؟
فالجوابُ: لأن الإيمان بالقَلْب، والعمَل الصالِح بالجَوارِح، ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين: ٦]، فالإيمان بالقَلْب، والعمَل الصالِح بالجوارِح، ولكن العمَل الصالِح من الإيمان.
فإن قال قائِل: أيَجوز أن أَتوَسَّل بمَحبَّة الرسول، فأَقول: اللَّهُمَّ بمَحبَّتي لرَسولِك؟
فالجواب: يَجوز، لأن محَبَّة الرَّسول لا شَكَّ أنه عمَل صالِح، فإن من أَفضَل الأعمال محَبَّة الرسول ﷺ، بل لا يُؤمِن الإنسان حتى يَكون رَسولُ الله ﷺ أحَبَّ إليه من نَفْسه وولَده ووالِده والناس أَجْمعين.