64

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٧ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

من أهل القَصيم، مِن كل مَكان، كلُّهم يُجادِلون في آيات الله، إذا كانوا كُفَّارًا. فإن قال قائِل: كيف تَجمَع بين هذه الآيةِ وبين قوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] فأمَرَ بالمُجادَلة؟ هنا أَمَر: ﴿وَجَادِلْهُمْ﴾ وهنا قال: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؟ فالجوابُ: مجُادَلة الكُفَّار تَكون بالباطِل لإِبْطال الحَقِّ، أمَّا الذين آمَنوا فمُجادَلتهم تَكون لبيان الْحَقَّ. إِذَنِ: المُجادَلة هنا غيرُ المُجادَلة هناك. قوله تعالى: ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ الفاء: للتَّفْريع على ما سبَق، والخِطاب في قوله: ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ﴾ إمَّا للنَّبيِّ ﷺ؛ لأنه الذي نزَلَ عليه القُرآن، وإمَّا لعُموم المُخاطَبِين؛ لأن القُرآن نزَل للجميع، وأَوْلاهما الثاني؛ لأنَّ القاعِدة التَّفْسيرية عِندنا: أنه إذا دار الأَمْر بين كون المَعنَى عامًّا أو خاصًّا؛ فإنَّه يُحمَل على العامِّ؛ لأن الخاصَّ يَدخُل في العامِّ ولا عَكْسَ. إِذَنْ: فلا يَغرُرْك أيُّها المُخاطَب، وأوَّل مَن يَدخُل في ذلك الرسولُ ﷺ، و﴿يَغرُرْكَ﴾ يَعنِي: لا يَخدَعك، ولا تَغتَرَّ به. وقوله تعالى: ﴿تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ التَّقلُّب هو: التَّردُّد من شيء إلى شيء، ومنه تَقلُّب الإنسان في فِراشِه من جَنْب إلى جَنْب، المعنى: لا يَغُرك تَردُّدهم في البلاد يَمينًا وشِمالًا، وشَرْقًا وغَرْبًا، للتِّجارة ولغير التِّجارة. قال المفَسِّر ﵀: [﴿تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ للمَعاش سالِمين فإن عاقِبَتهم النار]، ولكن لو قال: فإنَّ عاقِبَتهم البوارُ لكان أحسَنَ؛ لأنَّ الله تعالى ضرَبَ مثَلًا بمَن كان على حالهم بأنَّ الله أَهلَكَهم، فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ إلى آخِره.

1 / 68