الآية (٢٠)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: ٢٠].
* * *
قوله: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ الجُمْلة مَعطوفة على قوله: ﴿يَعْلَمُ﴾ و﴿يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ أي: يَحكُم به شَرْعًا وقدَرًا؛ لأنَّ القَضاء - أَعنِي: قَضاء الله ﷿ على قِسْمين: قَضاء كَوْنيٍّ؛ كقوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: ٤]، وقَضاء شَرْعي؛ كقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣]، "قَضَى" يَعنِي: قضاءً شَرْعيًّا، ومَعناها: وصَّى ربُّك ألَّا تَعبُدوا إلَّا إيَّاه؛ فهنا يَقول: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ والمُراد هنا الأَمْران جميعًا؛ أي: أنَّه يَقضِي قضاءً كَوْنيًّا بالحقِّ؛ فليس في قَضائه الكونيِّ عبَث ولا لَعِب: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٨ - ٣٩].
وكذلك يَقضِي قَضاء شَرْعيًّا بالحَقِّ؛ فقَضاؤُه ﷾ الشَّرْعي كلُّه حقٌّ؛ لأنه خير فيَأمُر به، أو شَرٌّ فيَنهَى عنه، وهذا هو الحقُّ إذَنِ الله يَقضِي بالحَقِّ بالنَّوْعين: القَضاء الكَوْني، والقَضاء الشَّرْعي.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ الواو هنا عاطِفة، ويَجوز أن تَكون استِئْنافية.
قال المفَسِّر ﵀: [﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ يَعبُدون؛ أي: كُفَّار مَكَّة، بالياء والتاء]،