163

Tafsir al-Uthaymeen: Surah

تفسير العثيمين: ص

خپرندوی

دار الثريا للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

الرياض - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

ولهذا نقول: إن مغفرة الذنوب سترها عن الخلق، مع التجاوز عن عقوبتها، أي: أن المغفرة جامعة لمعنيين هما: الستر والتجاوز عن الذنب، أي: أنّ الله تعالى لا يُعاقب عليه.
﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا﴾ يعني أعطني ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي، أي: لا يصلح أن يكون لأحد من بعدي. يعني مُلكًا عظيمًا، لا يفكِّر فيه أحدٌ من بعدي، فغفر الله له واستجاب له.
قال المؤلف: [﴿مِنْ بَعْدِي﴾ أي: سواي نحو: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٢٣] أي: سوى الله]، وليس المراد من بعدي زمنًا، بل لا ينبغي لأحد في زمني أو زمن بعد زمني، ولكن المراد بـ: ﴿من بعدي﴾: سواي، واستشهد لذلك بقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٢٣] ومعلوم أنَّه لا أحد بعد الله، فالله هو الآخر الذي ليس بعده شيء، ولكن ﴿مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ أي: من سوى الله.
والقول الثَّاني: أنّ المراد ﴿لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ أي: ملكًا لا يغلبه عليه أحد، ويؤيد القول الأوَّل قوله ﵊ حين تفلَّت عليه عفريت وهو يصلِّي، وأراد أن يمسكه وأن يربطه بسارية المسجد ليلعب به صبيان أهل المدينة، وقال: "لولا أنِّي ذكرتُ قول أحْي سليمان: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ لفعلت" (^١)، وهذا يدلُّ على المراد ﴿مِنْ بَعْدِي﴾ زمنًا.

(^١) أخرجه البُخاريّ، كتاب الصَّلاة، باب الأسير أو الغريم يربط في سارية المسجد (٤٦١)، ومسلم، كتاب المساجد، باب جواز لعن الشَّيطان في أثناء الصَّلاة (٥٤١).

1 / 168