لكان ذلك سائغًا جائزًا؛ لأنَّ هذا يؤدي إلى أن لا يعود مرّة أخرى إلى التشاغل عن ذكر الله ﷿ بشيء من المال.
١٧ - ومن فوائد هذه الآية: قوة سلطان سليمان ﵊ في أمره ونهيه لقوله: ﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ﴾ فإن هذا يدلّ على أن له جنودًا كثيرة تأتمر بأمره، إذ لم يقل: رُدَّها، لو قال: ردَّها، لكان الخادم واحدًا، لكن لما قال: ﴿رُدُّوهَا﴾ دل على أن له جنودًا وخدمًا كثيرون يخدموه.
١٨ - ومن فوائدها: سرعة مبادرة سليمان ﵇ في تنفيذ ما أراد من إتلاف هذا المال لقوله: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (٣٣)﴾.
قد يقول قائل: أليس في هذا تعذيب للحيوان إذا جعل يضرب سوقه بالسيف، فيقال: بلى، ولكن الظاهر أنَّه يعقرها أولًا، ثم يقطع عنقها ثانيًا، وهذا لا بأس به، لأنَّ الألم لا يدوم. وإنَّما خصّ السوق بالضرب، لأنَّها صافنات، والصافنة إذا رفعت حافرها بعض الشيء، صار لسوقها منظر جميل، فهو متعلَّق الرغبة، ولهذا جعل يضرب السوق، وأمَّا الأعناق فظاهر من أجل إتلافها نهائيًا.
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤)﴾ هذه الجملة مؤكدة بثلاث مؤكدات وهي القسم المقدر، واللام المؤكدة للقسم، والثالث قد في قوله: ﴿وَلَقَدْ﴾. ﴿فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾، أي: