وذلك لأن هذا القرآن جاء من (عَلٍ)، أي: من فوق، من الله ﷿، ثم إن في "على" إفادة التحمل للشيء.
أنزله عليك: يعني لتتحمله، وتقوم به.
فالفرق إذًا من وجهين:
الوجه الأول: أن (إلى) تفيد الغاية، أي: أن غاية الإنزال إلى محمد ﷺ، لا يتعداه إلى غيره، ولا نبي بعده، وأما (على) فتفيد الاستعلاء، أي: أنه نزل إلى الرسول ﷺ من فوق، وتفيد أيضًا التحمل لأنه نزل عليه كأنه فوقه، والشيء الذي فوقك لا بد أن تتحمله، ويؤيِّد هذا قولُه تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)﴾ [المزمل: ٥]، وقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [الإنسان: ٢٣ - ٢٤] مما يدل على ثقله، وهو كذلك.
قال: ﴿أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ﴾ مبارك: صفة لكتاب. و﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ أيضًا صفة لكتاب، هذا بناء على إعراب المؤلف: أنّ ﴿كِتَابٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون ﴿كِتَابٌ﴾: مبتدأ، و﴿مُبَارَكٌ﴾: خبره، وجملة ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ صفة لكتاب، وسوّغ الابتداء به وهو نكرة، وَصْفُهُ بجملة ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾.
وبركة القرآن من عدة أوجه:
١ - الوجه الأول في الثواب الحاصل بتلاوته، فإنّ من قرأ حرفًا واحدًا منه، فله بكل حرف عشر حسنات، وهذه بركة عظيمة.