أحد الخصمين نظرة غضب وإلى الثاني نظرة رضا، وفي مجلسه لا يجلس أحد الخصمين إلى جانبه والآخر بعيد عنه، وفي دخولهما عليه لا يقول لأحدهما: ادخل، قبل الآخر حتى ولو كان كافرًا، فإنه لا يقدّم المسلم عليه في الدخول، وإن كان بعض العلماء قد قال: إذا كان أحدهما كافرًا فإنه يقدّم المسلم عليه في الدخول، ولكن المقام مقام حكم فالواجب فيه العدل، وهذا كفره عليه، وهذا إسلامه له، هذا إذا كان الدخول يحتاج إلى تقديم وتأخير. أما إذا كان الباب مفتوحًا فإنه لا يلزمه أن يجعل عند الباب رجلًا يقول: ادخلا جميعًا. يجعل الأمر موكولًا إلى الخصوم. مَن جاء فليدخل، قبل الآخر أو بعده، لكن إذا كان هناك ترتيب الدخول فلا يقدم أحدهما على الآخر، هذا طريق الحكم.
أما الحكم فإذا علم أن الحق مع أحدهما وجب عليه أن يحكم له به مهما كان، سواء كان عدوًا أم صديقًا.
﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ الناس: أصلها الأناس، لكن حذفت الهمزة تخفيفًا كما حذفت من شر وخير، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ﴾ [المائدة: ٦٠] أي: بما هو أشر من ذلك، ثم قال: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ أي: هوى النفس، وإنما نهاه عن اتباع الهوى تعظيمًا لهذا الأمر، ولا يلزم من نهيه عنه أن يكون ممكنًا في حقه، كما قال الله تعالى للنبي ﷺ: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] ولا يلزم من هذا أن يكون الإشراك في حقه ممكنًا. وقد يقال: إن الله