قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦]، وَقَالَ ﵎: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦]، فالمراد مَسْحُ الكَفِّ فقط، وليس اليَدَ كُلَّها.
وقوله: [اليُمْنى] لَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ عَلِمَ ذلك، فالآية لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى هَذَا، ولهذا فإن الْأَوْلَى أَنْ نجعَلَها مُبْهَمَةً كما أَبْهَمَهَا اللَّهُ ﷾، ولا يَهُمُّنا أَنْ تَكُونَ الْيَدَ الْيُمْنَى، أو اليسرى.
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿فِي جَيْبِكَ﴾ هُوَ طَوْقُ الْقَمِيصِ وَأَخْرِجْهَا].
قوله: [وَأَخْرِجْهَا] المُفَسِّر ﵀ قَدَّر طلبًا مناسبًا للجَواب؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مجرد إدخالٍ، بَلْ إِذَا أَخْرَجَها خَرَجَت بيضاء، لكن الحقيقة أَنَّهُ لَا داعيَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ ﴿تَخْرُجْ﴾ جوابًا لقوله: ﴿اسْلُكْ﴾؛ فَإِنَّك إِذَا قُلْتَ: أَخْرِجْ، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَها، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الحَذْفِ، وعليه فـ ﴿تَخْرُجْ﴾ هنا مجزومة جوابًا للطلب فِي قَوْلِهِ: ﴿اسْلُكْ﴾؛ لِأَنَّ جَوَابَ الطلَبِ إِذَا حُذِفت منه الفاءُ صار مجزومًا، وَإِنْ وَجَدْت مَعَهُ الفاء صار منصوبًا بـ (أَنْ) قَالَ ابْنُ مالك (^١):
وَبَعْدَ (فَا) جَوَابُ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ (أَنْ) وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ
يعني: مَعْنَاهُ أَنَ (أَنْ) تَنْصِب بَعد (فاء) التي وقعت جوابًا لنَفْيٍ، أَوْ طَلَبٍ مَحْضَيْنِ، وَلَكِنَّهَا إِذَا فَقَدَتِ الفَاء؛ فإنه يُجزم.
وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ ... (إِنْ) قَبْلَ (لَا) دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ (^٢)