138

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

مَشْئُومٌ على جَلِيسه، كَمَا أَنَّ مِنَ النَّاسِ أَيْضًا مَنْ يَكُونُ مِفتاحًا للخَير، ومِغلاقًا للشَّرِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بالعكس. لكن المُفَسِّرُ ﵀ قَيَّدها قَيْدًا حَسَنًا، فقال: [مُبَارَكَةٌ لِمُوسَى]، فهي مُبارَكة فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بالنِّسبة لموسى، أمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ لها صِبْغةٌ دينية، وليست مُقَدَّسةً بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ فِي وَقْتِ تكليمِ موسى. ومنه أيضًا: غَارُ حِرَاءٍ، فهو بالنِّسبة للرسول ﷺ مُبَارَك، لكن حين نُزول الوحي عَلَيْهِ فِيهِ، أمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ له صِبغة دينية، ولهذا مِن البِدع أَنَّ الْإِنْسَانَ يَذْهَبُ إِلَى غَارِ حِرَاءٍ ليزورَه تعبُّدًا، وكذلك غارُ ثَوْرٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ يزوره اطلاعًا فقط، فَإِنَّ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا حَرَجَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ التعبد. فمِن هَذِهِ الأماكن التي ما تثبت لها قُدسية عامَّة، تكون قدسيتُها خاصَّة في حِينِها فقط، ولمِن هِيَ لَهُ أَيْضًا، وأمَّا لِغَيرِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهَا هَذَا الْحُكْمُ. ولهذا كان مِنْ أَحْسَنِ مَا صَارَ عَلَيْهِ المُفَسِّر ﵀ تقييدُه هنا بموسى؛ لسماعه كَلَامَ اللَّهِ فِيهَا فِي هَذِهِ البُقعة، وَلَا شَكَّ انَّ الاستماع إلى كَلَامِ اللَّهِ ﷿ لَا يُشْبِهُهُ أيُّ استماع؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِدُ فِيهِ مِنْ لَذَّةِ المناجاة مَا لَا يَجِدُهُ في مناجاة أَيِّ أحد؛ لأنَّه أحب شَيْءٍ إِلَى الْإِنْسَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ كُلَّمَا خاطَبَ محبوبَهُ صار أَشَدَّ تَلَذُّذًا بكلامه معه، مَعَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُهُ كلام. يقول المُفَسِّرُ ﵀: [لِسَمَاعِهِ كَلَامَ اللَّهِ فِيهَا]، وكلام اللَّه سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعة، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الأشاعرة، فقالوا: إنَّ كَلَامَ اللَّهِ هُوَ المَعْنَى القائمُ بالنفس، وَإِنَّ مَا يُسمع مخلوقٌ خَلَقه اللَّهُ ﷿ ليُعبرَ بِهِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ.

1 / 142