234

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

ومِنهم مَن يُضيِّقه له، فالمُراد بالعِباد إِذَنِ العُبودِية العامَّة، وقد سبَقَ أيضًا أن العُبودِيَّة تَنقَسِم إلى: عامَّة، وخاصَّة، فالعامَّة التي تَشمَل جميع الخَلْق، والمُراد بها العُبودِيَّة الكَوْنِيَّة، التي قال الله ﷾ عنها: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، وأمَّا الخاصَّة فهي عُبودية الطاعة الشَّرْعية، وهي التي قال الله ﷾ فيها: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. وقوله ﷿: ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [امْتِحَانًا] يَعنِي: اختِبارًا يَختَبِره هل يَشكُر أَمْ يَكفُر، ولهذا قال سُلَيْمانُ ﵇: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠] حين رَأَى عَرْش بَلقيسَ حاضِرًا بين يَدَيْه في هذه المُدَّةِ الوجيزةِ، وقال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]، يَعنِي: ابتِلاءً واختِبارًا، وكم مِن إنسان كان في حالِ الفَقْر أَصلَحَ ممَّا كان بعد الغِنى! وكم مِن إنسان بالعَكْس إذا كان فقيرًا ومُسرِفًا على نَفْسِه فلمَّا أَغْناه الله تعالى هَداه الله ﷿! . وقوله تعالى: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ حَسبَ ما تَقتَضيه الحِكْمة قال تعالى: ﴿وَيَقْدِرُ لَهُ﴾: ﴿لَهُ﴾ هل يَعودُ على المَبسوط له أو يَعود على مَن يَشاءُ؟ الجوابُ: أن المُفَسِّر ﵀ ذكَر فيه المَعنيَيْن، و(يَقدِر) أي: يُضيِّق له بعد البَسْط؛ يَعنِي أنه ﷿ يَبسُط الرِّزْق لمَن يَشاءُ، ثُم يُضيِّق عليهم، ليَبلُوَهم ويُعطِيَ النِّعَم، ثُم يُزيلها امتِحانًا واختِبارًا، يَمُنُّ الله ﷿ على الإنسان بالأولاد فيَموتون، وبالمال فيَفنَى، وهذا تَضييق بعد البَسْط، أو أنَّ المَعنَى يَبسُط يَقدِر له، أي: لمَن يَشاءُ لا لهذا الذي كان مَبسوطًا له الرِّزْق، لأنَّ الله ﷿ يَبسُط الرِّزْق لقَوْم وَيقدِره لآخرين.

1 / 240