Tafsir Al-Uthaymeen: Saba
تفسير العثيمين: سبأ
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ هنا خَصَّ الحَمْد في الآخِرة مع أنه محمودٌ في الدُّنيا والآخِرة؛ كما قال الله ﷾ في آيةٍ ثانية: ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ﴾ [القصص: ٧٠]، لكنَّه ذَكَر ذلك؛ لأنَّ ظُهور حَمْده في الآخِرة أَبيَنُ وأَوْضَحُ، فإنَّ في الدُّنيا مَن يُنكِر حَمْد الله ﷾، وَيكفُر به، ولا يَرَى إلَّا أنَّ هذه الدُّنيا طبيعة تَتَفاعَل بذاتها وليس لها مُدبِّر، ومَنِ اعتَقَد هذا الاعتِقادَ فهل يُمكِن أن يَحمَد الله ﷿؟ أبدًا! لا يُمكِن حتى لو رَأَى الجيْر واندِفاع الشَّرِّ فانَّه لا يَحمَد الله ﷿؛ لأنَه لا يُقِرُّ به، لكِن في الآخِرة لا يُمكِن لأحَدٍ إلَّا أن يَحمَد الله ﷿، فالحَمْد في الآخِرة لله ﷿، كما أنّه أيضًا في الآخِرة لا أحَدَ يُحْمَد إلَّا النادِر، قال الله تعالى للنبيِّ ﷺ: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]،، أمَّا بقية الناس ممَّن لم يَحمَدهم الله ﷾ فإنهم ليس لهم حَمْد في الآخِرة، فأنت في الدُّنيا تَحمَد من يُحسِن إليك لكن في الآخِرة لا تَحمَد صديقَكَ ولا صاحِبكَ، اللهمَّ إلَّا أن يَكون ذلك بعد دُخول الجَنَّة فرُبَّما.
يَقول المُفَسِّر ﵀: [﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ كَالدُّنْيَا]، يَعنِي: كما أنَّ له الحَمْدَ في الدنيا، وكأنَّ المُفَسِّر ﵀ بهذا التَّقديرِ يَقول: إنه حُذِف الشِّقُّ الآخَر لدَلالة السِّياقِ عليه، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١]، يَعنِي: والبَرْدَ.
وقوله ﵀: [يَحْمَدُهُ أَوْليَاؤُهُ إِذَا دَخَلُوا الجنَّةَ]؛ قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾ [الزمر: ٧٤]، ولكِنَّ الصحيحَ أنه يَحمَد حتى على جزائه الكافِرين؛ فإنَّ الله ﷾ قال في آخِر سورة الزُّمَر لما ذكَر سَوْق أهل النار إلى النار وأهل الجَنَّة إلى الجنَّة، قال تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ
1 / 16