ولكن اشتَغَل به عمَّا هو أَفْيَدُ فليس لَهْوًا، لكنه خِلاف الحِكْمة، إذ إن الحِكْمة أن يَشتَغِل الإنسان بالأفضَل عن المَفضول.
إِذَنْ: لَهْو الحديث هو كل كلام لا فائِدةَ منه، وعاقِبته ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
قوله ﵀: [﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ بالنَّصْب عَطْفًا على (يَضِل)، وبالرفع عَطْفًا على ﴿يَشْتَرِي﴾] قِراءتان (لِيَضل عن سبيل اللَّه) ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ يَكون عَطْفًا على (يَضل)، أو ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ عَطفًا على ﴿يَشْتَرِي﴾ يَعنِي: ومن الناس مَن يَتَّخِذها هُزوًا، وبينهما فَرْق؛ لأن قِراءة النصِّ تَجعَل الحامِل على مَن يَشتَرِي لهوَ الحديث أمرين: الضلال، واتِّخاذه هُزوًا، وأمَّا على قِراءة الرفع: فإن الحامِل على شِراء لَهْو الحديث شيء واحِد، لكن من الناس أيضًا مَن يَتَّخِذ آياتِ اللَّه تعالى هُزوًا، أي: مَكانًا للاستِهْزاء.
وقوله ﵀: [﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا﴾ مَهزوءًا بها] أَشار المُفَسِّر ﵀ بقوله: [مَهزوءًا] إلى أن المَصدَر هنا بمَعنَى اسم المَفعول، وهو كثيرًا ما يَأتي في اللغة العربية، يَعنِي: مَهزوءًا بها.
واتِّخاذ آيات اللَّه تعالى هُزوًا له أنواعٌ كثيرة:
١ - منها: أن يَستَهزِئ بالقرآن في نَظْمه وتَرْكيبه.
٢ - ومنها: أن يَستَهزِئ بالقرآن في أَخباره، ويَقول: أساطيرُ الأوَّلين.
٣ - ومنها: أن يَستَهزِئ بالقُرآن في أَحْكامه.
٤ - ومنها: أن يَستَهزِئ بالسُّنَّة.
٥ - ومنها: أن يَستَهزِئ بالرسول ﵊.