الآية (٣٣)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: ٣٣].
* * *
قال ﷾: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ فما دام هو الربُّ فهو الخالِق، وما دامَ هو الخالِق فيَجِب أن يَكون هو الذي يُتَّقى؛ فكأنه يُعلِّل الأمر بالتَّقوى: (اتَّقُوا رَبَّكُم؛ لأنه ربُّكم الذي أَوْجَدكم وأَعَدَّكم وأَمَدَّكم) فهنا إيجاد وإعداد وإنزال، فاللَّه تعالى (أَوْجَد) الناس، و(أَعَدَّهم): هَيَّأَهم لما يَنبَغي أن يَكونوا عليه، و(أمَدَّهُم): أمَدَّهم بالعُقول وأمَدَّهم بالرسُل التي جاءَت بشريعة اللَّه تعالى.
وقوله ﵀: [﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي﴾ لا يُغنِي ﴿وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ﴾ فيه شَيئًا] قوله تعالى: ﴿وَاخْشَوْا يَوْمًا﴾ الخَشْية تَقدَّم لنا أنها أخَصُّ الخَوْف، لأنها تَكون مع العِلْم بحال المَخشِيِّ؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: ٢٨]؛ ولأن سبَبها قُوَّة المَخشِيِّ، وأمَّا الخَوْف سبَبه ضَعْف الخائِفِ -وهذا هو الغالِب- أمَّا الخَشْية فأخَصُّ، يَعنِي: اخشَوْا هذا اليومَ العَظيمَ الذي صِفَته كيت وكيت، وقد بيَّنَه اللَّه ﷿.
وقوله اللَّه: [﴿يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ﴾ فيه ﴿شَيْئًا﴾] ومَعنَى ﴿يَجْزِي﴾