116

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

مَعنَى ﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ أي: قد رَأَيْتُم؛ ولهذا في سُورَةِ ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ قال اللَّه تعالى بعدَه: ﴿وَوَضَعْنَا﴾ فَعَطَفَ فِعْلًا ماضِيًا على ما سَبَق؛ لأنَّ ما قبْلَه بمَعنى الفِعْلِ المَاضِي. وقولُه ﷾: ﴿أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ﴾: ﴿سَخَّرَ﴾ بمَعنَى: ذَلَّل، ذَلَّلَها لَكم، أو لِمَصَالحِكُم، ومَنَافِعِكُم ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ يَقول المُفَسِّر ﵀: [مِن الشَّمس والقمَر والنُّجُوم]، وهذا على سبيل التَّمْثِيل، وإلَّا فَإِنَّه قَد سَخَّرَ لَنَا أَيْضًا الرِّيَاح، وهي بَينَ السَّمَاء والأَرْض، وسَخَّر لَنا السَّحاب؛ كما قال ﷿: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٦٤] وهو لنا، فهو عامّ لِكُلِّ مَا سَخَّرَهُ اللَّهُ تعالى من مَصالحِنا. وقوله تعالى: ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ مِن الثِّمار والأنهَار والدوَابِّ، وغيرها أيضًا، حتَّى المَعَادِن وغرها سَخَّرَها اللَّه تعالى لنا وذَلَّلَها لَنا، فكُلُّ ما في الأرض مُسَخَّرٌ مُذَلَّل، لكنَّ بَعضَه مُسَخَّرٌ بِطَبِيعَتِه، وبعضُه مُسَخَّر بِوَاسِطَة، فالحدِيد والمعادِن وما أَشبَهَها مُسَخَّرَة، لكنَّها بواسِطَة، والدوَابُّ والأنهار والأشْجَار مُسَخَّرَة بِدُونِ وَاسِطَة، يَجِدُها الإنْسَان مُهَيّأَةً كَامِلَةً. وقولُه تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ﴾ فَسَّرَها المُفَسِّر ﵀ بأَمْرَيْن بالسَّعَة والإتمام؛ أي: [أَوْسَعَ وَأتمَّ] ومنه قوله ﵊: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ" (^١) يَعنِي: إتْمَامُ الوُضُوء، ومَعنَى ﴿وَأَسْبَغَ﴾ يَعنِي: أَوْسَعَ وأتمَّ، أمَّا (أتمَّ) فمِثالُه ما ذَكَرْت: إسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَاره، وأمَّا (أَوْسَعَ) فَمِنهُ قولُه ﷿: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ [سبأ: ١١]؛ أي: دُرُوعًا سَابِغَاتٍ: وَاسِعَةً، ومنها أيضًا قولُهم: ثَوْبٌ سَابغ. يَعني: وَاسِع،

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، رقم (٢٥١)، من حديث أبي هريرة ﵁

1 / 120