Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
خپرندوی
دار الثريا للنشر والتوزيع
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
البيت، أو أن تكون فاء التفريع، وأيًّا كان فهي مبنية على ما سبق، أي فبهذه النعم العظيمة يجب عليهم أن يعبدوا الله، والعبادة هي التذلل لله ﷿ محبة وتعظيمًا. أن يتعبد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة، فإذا بلغه عن الله ورسوله أمر قال: سمعنا وأطعنا، وإذا بلغه خبر قال: سمعنا وآمنا، على وجه المحبة والتعظيم، فبالمحبة يقوم الإنسان بفعل الأوامر، وبالتعظيم يترك النواهي خوفًا من هذا العظيم ﷿، هذا معنى من معاني العبادة، وتطلق العبادة على نفس المتعبد به، وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ بهذا المعنى فقال: إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الظاهرة، والباطنة.
وقوله: ﴿رب هذا البيت﴾ يعني به الكعبة المعظمة، وقد أضافها الله تعالى إلى نفسه في قوله تعالى: ﴿وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود﴾ [الحج: ٢٦] . وهنا أضاف ربوبيته إليه قال: ﴿رب هذا البيت﴾ وإضافة الربوبية إليه على سبيل التشريف والتعظيم ﴿طهر بيتي للطائفين﴾ أضاف الله البيت إليه تشريفًا وتعظيمًا، إذًا خصص البيت بالربوبية مرة، وأضافه إلى نفسة مرة أخرى تشريفًا وتعظيمًا، وفي آية ثانية قال: ﴿إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها﴾ وبعدها قال: ﴿وله كل شيء﴾ احتراز من أن يتوهم واهم بأنه رب البلدة وحدها فقال: ﴿وله كل شيء﴾، ولكل مقام صيغة مناسبة، ففي قوله: ﴿إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء﴾ [النمل: ٩١] . مناسبة بيان عموم ملكه، لئلا يدعي المشركون أنه رب للبلدة فقط، أما هنا فالمقام مقام تعظيم للبيت فناسب ذكره وحده قوله: ﴿الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾ ﴿الذي﴾ هذه صفة للرب، إذًا فمحلها النصب، ولهذا يحسن
1 / 322