Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
53

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

لما ذكر الله ابتداءَ الخَلْق الأَوَّل وهو آدم ذكر ابتداءَ الخلق الثاني وهو النَّوْع الإنساني، النوعُ الإنسانِيُّ كيف خُلقَ؟ فقال: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾: ﴿فِي﴾ للظَّرْفِيَّة، والبطون جمع بَطْن، والأصل: أنَّ هذه المادَّةَ (الباء والطاء والنون) خلافُ الظُّهورِ؛ فالبطون خَفِيَّة، والظُّهور ظاهِرَة. ومن أسماء الله: (الظَّاهِر والباطِنُ) الظاهر: العالِم، والباطِنُ: الذي لا يَحُول دونه شيءٌ، فهنا البطون إذن جمع بَطْنٍ، وهو مُشْتَقٌّ من البطون، بَطَنَ الشَّيْءُ بُطُونًا، أي: خَفِيَ. وقوله: ﴿أُمَّهَاتِكُمْ﴾ جمع: أمٍّ أو أمَّهَة، ويقال: أُمَّاتٌ لغير العاقل، ويقال في العاقل: أمَّهَاتٌ. وقوله: ﴿خَلْقًا﴾ مصدر يَخْلُق ﴿مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾ أي: خَلْقًا متطوِّرًا ينتَقِلُ من خَلْقٍ إلى آخر؛ قال المُفَسِّر ﵀: [أي: نُطَفًا، ثم عَلَقًا، ثم مُضَغًا]، وقد أشار الله تعالى إلى هذه الأصول في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ [الحج: ٥]. من تراب باعتبارِ آدَمَ، من نطفة باعتبارِ النَّوْعِ الإنسانيِّ، ثم من عَلَقَةٍ، ثم من مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وغير مُخَلَّقة؛ والمضغة: هي قِطْعَةُ اللَّحْم بِقَدْرِ ما يُمْضَغ. وقد بيَّن النَّبِي ﷺ مُدَّةَ هذا التَّطوُّر في حديث ابنِ مسعود ﵁، قال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونَ عَلَقَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بأَرْبَع كَلِمَاتٍ: بكَتْب رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ" (١)

(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (٣٢٠٨)، ومسلم: كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، رقم (٢٦٤٣).

1 / 57