الإنسان ممَّا لو كان في طرَف آخَرَ، لكن الذي يَظهَر لنا: أن سوء العَذاب ليس على اسمِ تَفضيل، ولكنه من باب إضافة الصِّفة إلى مَوْصوفها، يَعنِي: العَذاب السيِّئ.
ومن هذا البابِ أيضا كلِمتا (خَيْر) و(شَر) تُطلَقان على باب اسم التَّفضيل إذا قلت: هذا خيرٌ من هذا وهذا شَرٌّ من هذا. وقد تُطلَقان ويُراد بها الوَصْف بالشَّرِّ فقط، كما تَقول: (هذا شرٌّ)، (هذا خَيْر).
وقول المُفَسِّر ﵀: [بأن يُلقَى في النار مَغلولةً يَدُه إلى عُنُقه] كأنه أُخِذ من كونه يَتَّقي العَذاب بوَجهه؛ لأنه لو كانت يَدُه مُطلَقة لاتَّقَى العَذاب بيده، ولكنِّي أَقول: لا يَلزَم منِ اتِّقاء العَذاب بوَجْهه أن تُغَلَّ يدُه؛ لأن يدَه قد تَكون مُرسَلة غير مُقيَّدة، ولكن لا يَستَطيع أو يَظُنُّ أن مُدافعته بوجهِه أشَدُّ، فيُدافِع بوجهه.
قال المُفَسِّر ﵀ في جواب الشَّرْط في ذِكْر المُعادِل: [كمَن أمِن منه في دُخول الجَنَّة؟].
والجَوابُ: لا، وحينئذٍ يَكون الاستِفْهام للنَّفيِ، يَعنِي: لا يَستَوي مَن يَتَّقِي بوَجْهه سُوء العذاب مع من أمِن العَذاب ولم يَتَّقِه ثُمَّ قال ﵀: [﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ﴾ أي: كُفَّار مَكَّةَ ﴿ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ أي: جزاءَهُم]؛ وقوله: [﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ أي: كُفَّار مكَّةَ] كأنه أَخَذه من قوله تعالى: ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وإلَّا فإن الظالمِين هنا عامٌّ، لفظ عامٌّ يَشمَل كفَّار مكَّةَ وغيرهم، وهذا هو الأَوْلى.
فإن قيل: ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يَدُلُّ على أن هذا في المُتأخِّرين؟
قُلنا: نعَمْ، هو يَدُلُّ على أنه في المُتأخِّرين، لكن كل رَسول قد سبَقه رسول، فهنا نَقول: كذَّبَت قبلَهم قومُ نوحٍ وثَمودُ، كذَّبت قبلهم قوم عاد، وهَلُمَّ جرًّا، فيَكون