Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
68

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٧ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

اختلافُ الناسِ ما قام الجهادُ ولا قام الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ، ولم يكن فائدةٌ في خَلْقِ الجنةِ والنارِ، إلى غيرِ ذلك. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ الرحمةِ للهِ ﷿؛ لقولِهِ: ﴿فِي رَحْمَتِهِ﴾ واعلمْ أن الرحمةَ نوعان: مخلوقةٌ، وغيرُ مخلوقةٍ. أما غيرُ المخلوقةِ: فهي رحمةُ اللهِ التي هي وصفُهُ؛ لأنَّ جميعَ صفاتِ اللهِ غيرُ مخلوقةٍ. وأما المخلوقةُ: فهي الرحمةُ التي هي من آثارِ رحمةِ اللهِ التي هي وصْفُهُ. فالمخلوقةُ الشيءُ البائنُ عن اللهِ الذي كان من آثارِ رحمتِهِ التي هي وصفُهُ؛ قال اللهُ ﷿: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٧]، هذه مخلوقةٌ، و(في) للظرفيَّةِ، ولا يُمْكِنُ أن تكون رحمةُ اللهِ التي هي وصفُهُ ظرفًا لهؤلاء الذين آمنوا؛ إذن ﴿فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ﴾؛ أي: المخلوقةُ، والرحمةُ المخلوقةُ هي الجنَّةُ؛ لقولِهِ تعالى للجنَّةِ: "أنتِ رحمتي أَرْحَمُ بكِ من أشاءُ" (^١)، وقولُهُ: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف: ٥٨]، المرادُ بالرحمةِ هنا الصفةُ. إذن؛ من صفاتِ اللهِ تعالى الرحمةُ. والعَجَبُ من قومٍ يَدَّعُونَ أنهم مُنَزِّهُونَ للهِ يقولون: إن اللهَ لا يُوصَفُ بالرحمةِ - نسألُ اللهَ ألَّا يُزيغَ قلوبَنَا - يقولون: إن اللهَ ما يُوصَفُ بالرحمةِ؛ لأنَّ الرحمةَ انفعالٌ وانكسارٌ كما ترَحَّمَ الصبيُّ تَرَحُّمَ اليتيمِ، واللهُ ﷿ مُنَزَّهٌ عن ذلك، ماذا نفعلُ في الآياتِ التي لا تُحْصَى المُثْبِتَةِ لرحمةِ اللهِ؟ قالوا: فَسَّرَ الرحمةَ بالإنعامِ، فيفسرونها بالرحمةِ المخلوقةِ، أو فَسَّرَ الرحمةَ بإرادةِ الإنعامِ فيفسرونها بالإرادةِ، وهؤلاء الأشاعرةُ؛ لأنَّهم يُقِرُّونَ بالإرادةِ على أنها صفةٌ للهِ، وسبحانَ اللهِ حُجَّتُهُم في هذا يقولُ: الإرادةُ

(^١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠]، رقم (٤٨٥٠)، ومسلم: كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون، رقم (٢٨٤٦)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 72