Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
54

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٧ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

وعلى هذا فنقولُ: المرادُ بالإنذارِ الإنذارُ المباشِرُ، والإنذارُ المباشِرُ من النبيِّ ﵊ ما كانَ إلا لِأُمِّ القرى ومَنْ حَوْلَهَا؛ ولهذا ما فُتِحَتِ الشامُ ولا العراقُ ولا مصرُ في عهدِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - وإنما كان الجزيرةَ فقط، وعليه فيكونُ المرادُ بقولِهِ: ﴿لِتُنْذِرَ﴾ الإنذارَ الذي تمَّ في حياتِهِ ﵊ فإنه لم يَشْمَلْ إلا أُمَّ القرى ومَنْ حَوْلَهَا. وقولُهُ: ﴿أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾، هل المرادُ بهذا إنذارُ المدينةِ نفسِها أو المرادُ الأهلُ؟ الجوابُ: الأهلُ لا شكَّ، ولا يُشْكِلُ هذا على أحدٍ، وهذا هو الذي جَعَلَ شيخَ الإسلامِ (^١) ﵀ يقولُ: "إنه لا مجازَ في القرآنِ ولا في غيرِهِ من اللغةِ العربيَّةِ؛ لأنَّه إذا كان اللفظُ دالًّا على معناه الخاصِّ فإنه لا يُعْتَبرُ مجازًا". ونحن نقولُ هنا: ليس المرادُ أن الرسولَ يُنْذِرُ بيوتَ مكةَ وأسواقَها، وإنما المرادُ أن يُنْذِرَ أهلَها، بقيَ أن يقالَ: أين مفعولُ ﴿لِتُنْذِرَ﴾ الثاني؛ لأنَّ أَنْذَرَ تَنْصِبُ مفعوليْن، كما قال اللهُ تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤]، الكافُ مفعولٌ أولُ و﴿نَارًا﴾ مفعولٌ ثانٍ؟ نقولُ: المفعولُ الثاني محذوفٌ، ويُقَدَّرُ بما يُنَاسِبُ، ممكنٌ أن نُقَدِّرَهُ بقولِهِ: يومَ الجمعِ. أي: لِتُنْذِرَ أُمَّ القرى ومَنْ حَوْلَهَا يومَ الجمْعِ. بدليلِ قولِهِ: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ فتجدُ الآنَ الآيةَ الكريمةَ الجملةَ الأولى حُذِفَ منها مفعولٌ، والثانيةُ حُذِفَ منها مفعولٌ، لكن الجملةَ الأولى حُذِفَ مفعولُها الثاني، والجملةُ الثانيةُ حُذِفَ مفعولُها الأولُ، وهذا من بلاغةِ القرآنِ.

(^١) انظر: كتاب الإيمان (ص: ٧٣).

1 / 58