Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura
تفسير العثيمين: الشورى
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٧ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
الوجهُ الأوَّلُ: أن يُخَاطَبَ بها الشَّخصُ بعينِهِ، فيقالَ له: إنَّ الآخرةَ خيرٌ لك.
والثَّاني: أن تَأْتِيَ مُقَيَّدَةً بأوصافٍ محبوبةٍ مطلوبةٍ.
والثَّالثُ: أن تأتِيَ مُطْلَقَةً.
قالَ اللهِ ﷿ لنبِيِّه ﷺ: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ [الضُّحى: ٤]، فالآن نَشْهَدُ أنَّ الآخرةَ للنَّبيِّ ﷺ خيرٌ له من الأُولى، هذا قُيِّدَ بشخصٍ معيَّنٍ، المُقَيَّدُ بأوصافٍ كالآيةِ الَّتي معنا، وكقولِهِ تعالى: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [يوسفَ: ١٠٩]، فهذه مقيَّدَةٌ بأوصافٍ. الثَّالثةُ مُطْلَقَةٌ؛ كقولِهِ تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٦ - ١٧]، لكنَّ هذا المُطْلَقَ يُحْمَلُ على المُقَيَّدِ، أو يُقالُ: هذا باعتبارِ وصْفِه لا باعتبارِ من يَحْصُلُ له، فيكونُ من حيث الإجمالُ الآخرةُ خيرٌ وأبقى، أمَّا من حيث التَّفصيلُ فَيُفَصَّلُ في كلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِه.
وقوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ آمنوا بكلِّ ما يجبُ الإيمانُ به، وقد سأل جبريلُ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - عن الإيمانِ، فقال له: "الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسُلِه، واليوم الآخِرِ، والقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ" (^١). إذنْ آمِنوا بما يجبُ الإيمانُ به، هذه العبارةُ الَّتي تَشْمَلُ كُلَّ شيءٍ.
وقوله: ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قَدَّمَ المعمولَ لإفادةِ الحَصْرِ والعنايةِ به ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ الرَّبُّ هو الخالقُ المالِكُ المُدَبِّرُ، ﴿يَتَوَكَّلُونَ﴾؛ أي: يَعْتَمِدُونُ ويُفَوِّضُونُ أَمْرَهُم إليه ﵎ والتَّوَكُّلُ فَسَّرَه بعضُهُم بأنَّه: صِدْقُ الإعتمادِ على اللهِ في جلْبِ المنافعِ ودفْعِ المضارِّ مع الثِّقةِ باللهِ ﵎ صِدْقُ الإعتمادِ على اللهِ؛ يعني: أن تعتمدَ على اللهِ اعتمادًا صادقًا، لا تَلْتَفِتُ إلى سواه في جَلْبِ المنافعِ ودفْعِ المضارِّ، زِدِ: الثِّقةَ باللهِ ﷿؛
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر ﵁.
1 / 274