الثاني: قولُهُم: بلا كيفٍ. يدلُّ على أن المعنى موجودٌ، ولولا ثبوتُ أصلِ المعنى ما صحَّ أن يقولوا: بلا كيفٍ.
مسألةٌ: المعِيَّة إذا قُلنا أنَّ مَعناها العِلم فَسَّرْنَاها بلازِمِها، وقصَّرْنا في معناها؛ لأَنَّه معهم بعِلْمِه وسَمْعِهِ وبَصَرِه وسلطانِه، وغيرِ ذلك، كما ذكر ذلك ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ (^١) ﵀ وقد ذَكَرَ ابنُ رجبٍ أيضًا في جامعِ العلومِ والحِكَمِ (^٢) أنَّه ليس معهم بالعلمِ فقط، بل بكلِّ ما تقتضيه الربوبيَّةُ: من علمٍ، وسمعٍ، وبصرٍ، وقدرةٍ، وسلطانٍ، وغيرِ ذلك.
ثانيًا: المَعيَّةُ شيءٌ والعلمُ من لازِمِها ومقتضياتِها، فهي أشملُ إحاطةً ومعنًى، لكنهم يُفَسِّرُونها بالعِلْمِ، ردًّا لقولِ أولئك القومِ الذين يقولون إن اللهَ معَنا في نفسِ المكانِ، والعامِّيُ عندما تقولُ له: المَعِيَّةُ لها معنًى، والعِلْمُ مُقتضاها ولازِمُها لا يَفْهَمُ، والحملةُ الشديدةُ في ذلك الوقتِ في زمنِ الأئمةِ بالنسبةِ لتحريفِ المعيَّةِ، فلذلك أتوْا بهذا المعنى السَّهْلِ، الذي يَتَصَوَّرُه الإنسانُ عن قُرْبٍ.
* * *
(^١) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢٨).
(^٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٧١).