111

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٧ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

نَدَعُ الإستفادةَ من هذه الكُتُبِ العظيمةِ والخطأُ فيها لا يُمَثِّلُ ولا عُشْرَ عُشْرِ المِعشارِ، قال ابنُ رجبٍ ﵀ في كتابِهِ (القواعدُ الفقهيَّةُ) (^١): "ويأبى اللهُ العِصْمةَ لكتابٍ غير كتابِهِ، والمُنْصِفُ من اغتفر قليلَ خطأِ المرءِ في كثيرِ صوابِه". صحيحٌ هذا الإنصافُ، ولا تكادُ تَجِدُ مؤلفًا إلَّا وفيه الخطأُ إمَّا متعمَّدًا أو غيرَ مُتَعَمَّدٍ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النَّساءِ: ٨٢]. ثم قال تعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ هذا ردٌّ على المُعَطِّلَةِ، والجملةُ الأولى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ على المُمَثِّلَةِ، السميعُ أي: ذو السمعِ، وسَمْعُ الله ﷿ له معنيان: المعنى الأوَّلُ: الإستجابةُ؛ كقولِهِ تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيمَ: ٣٩]، معنى سميعٌ: أي: مستجيبٌ، وليس المرادُ أنه يَسْمَعَه فقط؛ لأنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ يَسْمَعُه ولا يستجيبُ قليلُ الفائدةِ، لكنَّ ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ أي: مستجيبُهُ واستجابتُهُ إياه تستلزمُ سَمَاعَه لا شَكَّ. ومن ذلك أيضًا - أي: من كونِ السماعِ بمعنى الإستجابةِ - قولُ المصلِّي: سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه، ومعنى سَمِعَ أنه استجابَ له؛ لأَنَّهُ كما قُلْتُ لكم: مجرَّدُ سماعِ الصوتِ لا يفيدُ شيئًا بالنسبةِ للداعي؛ ولهذا لو قال لك إنسانٌ: يا فلانُ أرجو أن تساعدَني تقولُ: أسمعُ يعني أسمعُ بأذني، فلا يستفيدُ من هذا؛ لأَنَّه سيقولُ لك: إذا كنتَ تَسْمَعُ فأعطِنِي، فصار كلُّ ما أضيفَ للدعاءِ من السمعِ معناه الإستجابةُ. النوعُ الثاني من السمعِ: إدراكُ المسموعاتِ: بمعنى أنه لا يخفى على اللهِ أيُّ صوتٍ، قَرُبَ أم بَعُدَ خَفِيَ أم بانَ، فإن اللهَ يسمعُ كلَّ شيءٍ، أرأيتُم قولَهُ تعالى:

(^١) القواعد الفقهية (ص: ٣).

1 / 115