171

Tafsir al-Uthaymeen: As-Saffat

تفسير العثيمين: الصافات

خپرندوی

دار الثريا للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

الرياض - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

واستكبروا، وما آمن معه إلَّا قليل، ولما رأى ﵊ ما حصل من قومه وأيس منهم دعا عليهم: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)﴾ [نوح: ٢٦ - ٢٧]. وقال: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠)﴾ [القمر: ١٠] فأجاب الله تعالى دعاءه، ولهذا قال: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)﴾ فانتصر الله له وأجاب دعاءه، قال الله تعالى: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢)﴾ [القمر: ١١ - ١٢] ماء ينزل من السماء، وماء ينبع ويفور من الأرض فورانًا عظيمًا، يشمل كل الأرض حتَّى التنور الذي هو موضع إيقاد النَّار صار يتفجر ماء، والسماء تهطل بماء منهمر عظيم، فالتقى الماء حتَّى بلغ قمم الجبال، ولم ينجُ منه أحد إلَّا من كان مؤمنًا فإنَّه مع نوح ﵊ في السفينة. ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)﴾. فنوح هو أول الرسل وآخرهم محمَّد ﷺ. قال الله تعالي: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] ولم يقل: وخاتم المرسلين، مع قوله: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ إشارة أنَّه لا يمكن أن يأتي بعده لا نبي ولا رسول. الجملة: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ﴾ مؤكدة بثلاثة مؤكدات كما سبق: القسم، واللام، وقد، ونقول في توجيه التوكيد ما قلناه فيما سبق.

1 / 174