153

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

إِذَن: المثَلُ واضِحٌ جدًّا في أنَّ هَؤُلاءِ المُشْركِينَ يُفرِّقونَ بيْنَ المُتماثِلَيْن، فكَما أنَّكُم الآنَ وبإقْرَارِكُم أنَّ عَبِيدَكُم لا يُساوُونَكُم في المنزلةِ ولَا يُشارِكُونَكُم في الرِّزقِ، فكَذَلِك أيْضًا مَا يمْلِكُه الله ﷿ مِن هَذِهِ الأصنامِ وغيْرِها لَا يُساوُونَ الله تَعالَى في المَنْزلَةِ، ولَا يُشارِكُونَه في الحُقوقِ، وَهَذا مَثَلٌ ظاهِرٌ جدًّا. ومثالُه مِن أنْفُسِنا نَحْنُ: هَذا رجُلٌ يُؤدِّبُ ولدَه إِذا أخْطَأ، فقَال لَهُ بعْضُ النَّاسِ: لماذَا تضرِبُه؟ لماذَا تنْهَرُه؟ فإنَّه سيَقُولُ: ألَسْت تفْعَلُ بِولَدِك مثْلَ هَذَا؟ ! والجوابُ: بَلى، إِذَنْ كيْفَ تلُومُني عَلَى شيْءٍ تفْعلُه أنْتَ؟ ! فيُقالُ لهَم: كيْف تَجْعلُون مَع الله شَرِيكًا فِيما يسْتَحِقُّه وحدَه، وأنتم لَا تجْعَلُون لأنْفُسِكُم شرِيكًا مِن عَبيدِكُم فِيما تخْتَصُّونَ بِه مِنَ الرِّزْقِ؟ ! هَذا الَّذِي ذَكر الله عنْهُم. والعجِيبُ أن هَذِهِ الآيَةَ استدَلَّ بِها مَن يَرَوْن الاشْتِراكِيَّة (^١)، فأوَّل مَا ظهرَتْ الاشْتراكِيَّةُ في العالَم العربيِّ بدَؤُوا يأْتُون بالنُّصوصِ المُتشابِهَةِ، وقالُوا: هَذِهِ الآيَةُ صرِيحَةٌ في الاشْتراكِيَّةِ؛ لأَنَّهُ يقولُ: ﴿فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾، فانْظُرْ: كيف التّلبيسُ؟ وهذِه ليْسَتْ عَلَى ما أرَادُوا، إذْ هِي داخلَةٌ في النَّفْي، يعْني لسْتُم فِيه سَواءً، لكِن دَائِمًا أهْلُ الباطِلِ يُلَبِّسونَ لبَاطِلِهم بمُتَشابَهِ النُّصوصِ، وهَذهِ مِنْ حكْمَةِ الله ﷿، أنَّه جعَل في النُّصوصِ أشْياءَ متُشابِهةً ليضِلَّ بِها مَن يضِلُّ. وقولُ المُفَسِّر ﵀: [﴿فَأَنْتُمْ﴾ وَهُمْ ﴿فِيهِ سَوَاءٌ﴾]، المُفَسِّر ﵀ أَتَى بكَلِمة (وَهُم) لأَنَّ المُساواةَ لَا تكُونُ إِلا بيْنَ شيْئَيْنِ؛ فلِهَذا أتَى بقَوْله: (وَهُم)، ولَا حاجَة إلَيْها في الحقِيقَةِ، فالكلامُ تامٌّ بدُونِها إِذْ مِن المُمْكِنِ أنْ نقُولَ: ﴿فَأَنْتُمْ﴾،

(^١) انظر كتاب (بطلان الاشتراكية) لفضيلة الشّيخ ﵀.

1 / 159