Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
مِنْ كُلِّ وجْهٍ، لَا بُدَّ أنْ تَكُونَ هُناكَ علامَةٌ فارِقَةٌ.
قولُه ﵀: [وَأنْتُمْ أَوْلَادُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ]: صحِيحٌ، نحْنُ أوَّل مَا نشَأْنا مِن آدَم وحواء، ومَع ذَلِك نخْتَلِفُ هَذا الاخْتِلافَ العظِيمَ في الألوانِ، ولَمْ يذْكُرِ الله ﷿ الاخْتِلافَ في الأَجْسامِ مَا بَيْنَ صَغيرٍ وكَبيرٍ ومتَوسِّطٍ؛ لأَنَّ القُدْرَة عَلَى خَلْقِهم باخْتِلافِ ألوَانِهم أبْلَغَ مِنَ القُدْرَة باخْتلَافِ خلْقِهم عَلَى كِبَرِ أجْسَامِهِم وصِغَرِها؛ ولِهَذا ذَكر الألسِنَةَ والألوانَ.
قولُه ﵀: [﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ دَلَالَاتٍ عَلَى قُدْرَتِه تَعالَى ﴿لِلْعَالِمِينَ﴾ بِفَتْحِ اللَّامِ وكَسْرِها، أَيْ ذَوِي العُقُولِ وأُولِي العِلْمِ]: بفَتْح اللَّام وكسْرِها، يعْنِي يجوزُ أنْ تَكونَ (لِلْعَالِمِينَ) و(لِلْعَالمينَ)، والقِراءتَانِ سبْعِيَّتانِ (^١)، لأَنَّ قاعِدةَ المُفَسِّر ﵀ إِذا ذَكَر الوَجْهَيْن فهُما قِراءَتانِ سبْعِيَّتَانِ، أمَّا إِذا قَال: (وقُرِئ) فالقِراءَةُ شاذَّةٌ.
وقوْله تَعالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ أو "للعالَمين"، العالمِون ذووُ العِلْم، والعالَمون جمعُ عَالَمٍ، يعْنِي الخلْقَ، وهَلْ نأخُذُ مِنَ اخْتِلافِ القرَاءَتَيْن أنَّ المرادَ بالعالمَين ذوي العلْم؛ لأَنَّ العالمَين أعمُّ مِن العالمِين؛ لأَنَّ العالمِين تختَصُّ بذَوي العِلْم، والعالَمِين عامَّةٌ لَهُم ولغَيْرِهم، فهَل نقُولُ: إنَّ الآيَة تدُلُّ عَلَى أنَّ هَذا فِيه آيَاتٌ للعالمِين، أوْ نقُولُ إِنَّ الآيَاتِ للعالَمِين كلِّهم العالِم وغَيْرِ العالِم، ولكنَّ العالم لَهُ مزيَّةٌ، فتكُونُ دالَّةً عَلَى أنَّ اخْتِلافَ الألسُنِ والألوانِ أمْرٌ معْلُومٌ لكُلِّ أحَدٍ، لكنَّ مَا ورَاء ذَلِك الظَّاهرِ أمرٌ لا يعْلَمُه إِلَّا أهْلُ العِلْمِ، ويكُونُ فِي الآيةِ إشَارَةٌ إِلَى أنَّه ينْبَغي لنَا أن نتَعَمَّقَ فِي هَذا الأمرِ حتَّى يتبَيَّنَ لنا بعلْمِنا ما ليْسَ بائِنًا لغيْرِنا، وَهَذا هُو الأحْسَنُ.
(^١) إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر (ص: ٦١٩).
1 / 121