Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
قوله ﵀: [﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ المَذْكُورِ ﴿لَآيَاتٍ﴾]: (اللام) للتَّوْكيدِ، والآيَاتُ جمع أيةٍ، وتأمَّل قوْلَه تَعالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾، ثمَّ قالَ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَا هَذا التّنَافُر، حيْثُ قالَ فِي أوَّلِ الآيَة ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾؟
قُلْنَا: لا تنَافُرَ في الواقِعِ، أوّلًا لأنَّ قوْلَه تَعالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ للتَّبْعيضِ، وبَعْضُ الآياتِ قدْ يَكونُ آيةً واحِدَةً، وقدْ يَكُونُ أكْثَر مِنْ آيَةٍ، ثمَّ إِنَّ قوْلَه تَعالَى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ هَذهِ أرْبَعُ آيَاتٍ، فيَكُونُ في أصْلِ الخلْقِ آيَةٌ واحِدَةٌ، لكِن فِي أوْصَافِ هَذا الخلْقِ المتطَوِّر آياتٌ، والمُفَسِّر ﵀ بيَّن أنَّ اسْم الإِشارةِ وإِنْ كَان مُفْردًا لكِنَّهُ عائِدٌ إِلَى متَعَدِّدٍ. فقولُه: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ هَذهِ آيَةٌ، وكوْنُها مِن النَّفْسِ آيَةٌ أخْرَى، و﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ هَاتَان آيتَانِ، فالجمِيعُ أرْبَعُ آياتٍ كَما تقدَّمَ، والتّعبيرُ بكَلِمَةِ (ذلك) بيَّن المُفَسِّر أن السَّببَ فِيه أنَّ اسْمَ الإِشَارةِ يعُودُ إِلَى المذْكُورِ وإِنْ كَان أكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أي: متعدِّدًا، وَهَذا كَثِيرٌ في اللُّغَةِ العرَبِيَّةِ وَفِي القْرآنِ أيْضًا.
وقوْله تَعالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾: نصبت (آيات) لأنَّهَا اسْمُ (إنَّ) مؤخَّرًا.
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَاتِ تكُونُ مِن كُلِّ صفَةٍ مِن هَذِهِ المذكورَاتِ الأَرْبَعِ، وتَكُونُ فِي اجتمَاعِها، ولكنَّها تحْتَاجُ إِلَى تأَمُّلٍ وإِلى تفَكُّرٍ، ولِهَذا قال المُفَسِّر ﵀ [﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فِي صُنع الله تَعالَى]؛ أيْ فِي خَلْقِه، ولكِنَّ المَعْنى أعَمُّ مِن ذَلِك، أيْ: يتَفَكُّرونَ فِي صُنْعِه وهُوَ الخَلقُ وفي حِكْمَتِه وفي رَحْمَتِه وفي غَيْرِ ذَلِك مِمَّا يتعَلَّق بِهَذا المَعْنى.
1 / 111