128

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Shu'ara

تفسير العثيمين: الشعراء

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

أولًا: ما قَالَ: كلَّا إنِّي سأُهدَى، بل قدّم مَعِيَّةَ اللهِ؛ لأنها أَقْوَى فِي تَثْبِيتِ قومِهِ، قَالَ: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾، وكلُّ إِنْسانٍ يكونُ اللهُ معَه فلنْ يَضُرَّهُ شيْءٌ، ثم قال أيضًا مؤكدًا أثر هَذِهِ المعيَّة: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ والسينُ تدلُّ عَلَى التَّحقيقِ والقُرْبِ، ومَعْنى ﴿سَيَهْدِينِ﴾ أي: سَيَدُلُّنِي عَلَى طريقٍ أَنْجُو به، ومُوسَى لم يكنْ عالمًا بهذا الطَّريقِ حينَ ذاكَ، ولكنَّه واثقٌ منَ النَّجاة، ولهذا أتَى بالسِّينِ الدالَّة عَلَى التَّحقيقِ وعلى القُرْبِ أيضًا؛ لِأَنَّ المَقامَ يَقْتَضِي ذلكَ.
فهَؤُلَاءِ أكَّدوا أَنَّهُم مُدْرَكُون، فقُوبِلُوا بالتَّأكيدِ أَنَّهُم لنْ يُدْرَكُوا، وتأكيدُ ذلك أوَّلًا بذِكْرِ مَعِيَّةِ اللهِ ﷾: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾، وتأكيدُه ثانيًا بقوله: ﴿سَيَهْدِينِ﴾؛ لِأَنَّ السِّينَ كما هُوَ معروفٌ عند أهلِ النَّحْوِ تدلُّ عَلَى التَّحقيقِ والقُرْبِ، قَالَ: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ وفِعلًا حصلَ ما تَيَقَّنَهُ مُوسَى ﵊ من أنَّ اللهَ سُبْحَانَه سَيَهْدِيه طريقَ النجاةِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: ما توجيهُ المَعِيَّة هنا فِي قول المُفَسِّر: [﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ بنصرِه]؟
فالجَواب: المُرادُ بالمعيَّة هنا المعيَّةُ الخاصَّةُ الَّتِي تَقْتَضِي النصرَ والتأييدَ؛ فإنْ قصَدَ المُفسِّرُ بنصرِهِ أَنَّهُ تفسيرٌ بالمعيَّة بالمَعْنى العام فهذا لَيْسَ بصحيحٍ، وإنْ أرادَ بِنَصْرِهِ أَنَّهٌ أثرٌ لذلكَ، فهذا صحيحٌ، فالمُفسِّر لا يُعْتَرَضُ عليه؛ لأَنَّ هناكَ احتمالًا أَنَّهُ يقولُ: معي بِنَصْرِهِ، بمَعْنى أن هَذِهِ المعيَّة سيكونُ أَثَرها النَّصْر.
فوائدُ الآيتينِ الكريمتينِ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: فِي هَذَا دليلٌ عَلَى قوَّة إيمانِ مُوسَى ﵊ فِي قولِهِ: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾، ووجهُ قوَّةِ الإيمانِ أَنَّهُ فِي هَذَا المَقامِ المُحْرِجِ الَّذِي لا يرى الْإِنْسَان فيه إلا أَنَّهُ هالِكٌ، ولهذا قال أصحاُبه: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾.

1 / 133