105

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Shu'ara

تفسير العثيمين: الشعراء

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

وقوله: ﴿مِنْ خِلَافٍ﴾ يعني: مُتَخَالِفَةً؛ إذا قطعَ اليدَ اليُمنى قطعَ الرجلَ اليسرَى، وإذا قطعَ اليدَ اليسرَى قطعَ الرجلَ اليمنَى، وليس مَعْنى: ﴿مِنْ خِلَافٍ﴾ أني أُخالِفُ بينكم فمِنكم مَن أُقطّع يديه ومنكم من أُقطع رِجليه، بل هَذَا واقعٌ عَلَى مَحَلٍّ واحدٍ، فالخلافُ فِي محلٍّ واحدٍ، يعني: كل واحدٍ مِنكم أُقَطِّعُ يَدَهُ ورجلَه متخالفتينِ، وهذا فِي شَريعتنا حدّ قطَّاع الطَّريقِ، يعني: أحدُّ ما يُحَدّ بِهِ قُطّاع الطَّريقِ هُوَ هذا؛ أنْ تُقَطَّع أَيْدِيهم وأَرْجُلُهُمْ مِن خِلافٍ. قال تعالى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ يعني: بعد أنْ أفعلَ هَذَا لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أجمعينَ، يعني: كما قال فِي آيةٍ أُخرى: ﴿فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١]، وهنا يشيرُ إِلَى أنَّ فِي مِصْر نَخْلًا، فهو وَعَدَهُمْ بذلكَ. والصَّلْبُ: الرَّبْطُ، وهل يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المصلوبُ ممدودَ اليدِ أو لا؟ لَيْسَ بشرطٍ، فالمهمُّ أن يُرْبَطَ رَبطًا محكمًا عَلَى خشبةِ الصَّلِيب. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الصَّلْبُ بعدَ الموتِ أم قبله؟ فالجَواب: قبلَ الموتِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ﴾. وإنْ قالَ قائلٌ: الصَّلْبُ فِي آياتِ قُطَّاع الطَّريقِ قبلَ الموتِ أم بعدَه؟ فالجَواب: الصلبُ فِي آياتِ قُطَّاع الطَّريقِ اختلفَ فيه العلماءُ: هل يكونُ قبلَ الموتِ أم بعدَهُ، والمشهورُ فِي مَذْهَبِنا أَنَّهُ بعد الموتِ، ولكن الصَّحيح أَنَّهُ قبلُ؛ لأنَّهم إذا صُلبوا قبلُ نالُوا الأَلمَيْن: الحِسِّيّ والنَّفسيّ، أو القلبيّ، لكن إذا صُلِبوا بعد الموتِ فلا يُؤْلِمُهُم شيْءٌ أبدًا. ثم إن تَصْلِيبِهِمْ بعدَ الموتِ لا فائدة منه، لهذا لَمَّا قيل لأسماء بنتِ أبي بكرٍ ﵁ وعنها-: إن الحَجَّاج فعلَ كَذَا وكذا بعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بعدَ موتِهِ،

1 / 110