172

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Ma'idah

تفسير العثيمين: المائدة

خپرندوی

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٣٥ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

قوله: ﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ﴾ "مَن" هنا: شرطية جوابها ﴿فَقَدْ ضَلَّ﴾، أي: فمن كفر بعد هذا الميثاق ولم يقم بما واثق الله عليه ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، "الضلال": بمعنى الضياع والتيه، يعني تاه عن الصراط المستقيم، و﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ أي: مستقيمه الموصل إلى المراد، وهذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: تذكير هذه الأمة وتذكير بني إسرائيل بما أخذه الله عليهم من الميثاق، أما تذكير بني إسرائيل فالأمر فيه واضح، لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾، وأما تذكيرنا نحن الأمة الإسلامية؛ فلأنه ليس بين البشر وبين الخالق عهد يتضمن المحاباة إلا تفضلًا من الله ﷿، فإذا قمنا بما أوجب الله علينا فلنا الأجر مرتين، حسب ما جاءت به النصوص عن النبي ﷺ (^١).
الفائدة الثانية: ذكر الله نفسه بالغيبة تعظيمًا وتكبيرًا له جلَّ وعلا، وجه ذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ﴾ ولم يقل: "لقد أخذنا"، وهذا كما يقول الملك لجنوده إن الملك يأمركم أن تفعلوا كذا لا يقول: إني آمركم، ونظير هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨].
الفائدة الثالثة: أن من أساليب البلاغة الانتقال من أسلوب

(^١) انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، حديث رقم (٧٠٢٩) عن ابن عمر.

1 / 176