الفائدة الثانية: إثبات أن لله تعالى علينا نعمة وهو أمر لا يحتاج إلي برهان، ولكن هل النعمة تكون للمؤمن والكافر أو للمؤمن وحده؟
نقول: أما النعمة العامة التي يشترك فيها البهائم والإنسان فهي للمؤمن والكافر، فالكافر يتمتع بنعمة الله كما تتمتع البهيمة، وأما النعمة الخاصة: التي هي نعمة الله تعالى على العبد بالإيمان والعلم فهذه خاصة بالمؤمن، فإذا سألك سائل: هل لله على الكافر نعمة؟ فقل: في ذلك تفصيل. أما النعمة العامة فنعم، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣]، وأما الخاصة: فإنه لا يدخل فيها الكافر؛ لأنها خاصة بالمؤمنين.
الفائدة الثالثة: أنه يجب على الإنسان أن يذكر الميثاق الذي واثق الله عليه وهو العهد بالسمع والطاعة.
فإن قال قائل: نحن لا نذكر هذا الميثاق؟ قلنا: إن عقد الميثاق يكون بالقول وبالفعل، أما القول فإننا لا نستحضره، حتى لو صح حديث: "إن الله استخرج ذرية آدم من ظهره وأخذ عليهم العهد والميثاق" (^١). وأما الفعل فنعم، هو ثابت وذلك بما فطر الله عليه الإنسان من التوحيد والاعتراف بالله ﷿، وكذلك أيضًا بما أعطاه من العقل الذي يميز به بين الحق والباطل والصدق والكذب، وهذا ميثاق بالفعل، يعني أنت لا تستحضر أنك
(^١) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في القدر، حديث رقم (٤٧٠٣)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأعراف، حديث رقم (٣٠٧٥)، وأحمد (١/ ٤٤) (٣١١) عن عمر بن الخطاب ﵁.