(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا) الموبق هو مكان الهلاك، يعني أننا جعلنا بينهم حائلًا مهلكًا حيث لا يمكن أن يذهبوا إلى شركائهم، ولا أن يأتي شركاؤهم إليهم، أرأيت لو كان بينك وبين صاحبك خندق من نار هل يمكن أن تذهب إليه لتنصره، أو أن يأتي إليك لينصرك؟
الجواب: لا يمكن، هؤلاء يجعل الله بينهم يوم القيامة (مَوْبِقًا).
***
(وَرَأى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا) (الكهف: ٥٣)
قوله تعالى: (وَرَأى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) المجرمون يعني الكافرين، كما قال ﷿: (إنا من المجرمين منتقمون) (السجدة: ٢٢. (فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا) (فظنوا) أي أيقنوا: (مُوَاقِعُوهَا) والظن يأتي بمعنى اليقين كما في قوله تعالى: (الذين يظنون أنهم ملتقوا ربهم) (البقرة: ٤٦)، أي: يوقنون أنهم ملاقو الله، وإلَاّ فالظن الذي هو ترجيح أحد الأمرين المشكوك فيهما لا يكفي في الإيمان.
(وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا) يعني لم يجدوا مكانا ينصرفون عنها إليه، وهذه الجملة معطوفة على (رأى) وليست داخلة تحت قوله ظنوا، لأنه لو كان داخلًا في الظن لقال "ولن"، يعني أنهم لما رأوْها وظنوا أنهم مواقعوها لم يجدوا عنها مصرفًا أي مكانًا ينصرفون إليه لينجوا به منها.
***