83

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Hujurat - Al-Hadid

تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

خپرندوی

دار الثريا للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

الخلق.
والقادر على ابتداء الخلق يكون قادرًا على إعادته من باب أولى، وهذا دليل عقلي لا يمكن لأي إنسان أن يفر منه، ثم قال ﷿ مستدلًاّ على قدرته على البعث: ﴿ولقد خلقنا الإنسان﴾ يعني ابتدأنا خلقه وأوجدناه وجعلنا له عقلًا وسمعًا وبصرًا وتفكيرًا وحديثًا للنفس، ﴿ونعلم ما توسوس به نفسه﴾ يعني ونحن نعلم ما توسوس به نفسه، أي ما تحدثه به نفسه، دون أن ينطق به، فالله تعالى عالم به، بل إن الله عالم بما سيحدث به نفسه في المستقبل، والإنسان نفسه لا يعلم ما يُحدث به نفسه في المستقبل، والله يعلم ما توسوس به نفسك غدًا وبعد غدٍ، وإلى أن تموت وأنت لا تعلم وإذا كان الله يعلم ما توسوس به النفس فهذا العلم يوجب لنا مراقبة الله ﷾، وأن لا نحدث أنفسنا بما يُغضبه وبما يكره. فعلينا أن يكون حديث نفوسنا كله بما يرضيه، لأنه يعلم ذلك، أفلا يليق بنا أن نستحيا من ربنا ﷿ أن توسوس نفوسنا بما لا يرضاه؟!: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾، حبل الوريد هو الأوداج، وهما العرقان العظيمان المحيطان بالحلقوم، يسمى الوريد، ويسمى الودج، وجمعه أوداج، ويضرب المثل بهما في القرب، أقرب شيء إلى قلبك هو حبل الوريد، هذا أقرب إلى المخ، وأقرب من كل شيء فيه الحياة هما الوريدان. واختلف المفسرون في قوله: ﴿ونحن أقرب إليه﴾ هل المراد قرب ذاته - جل وعلا - أو المراد قرب ملائكته؟.
والصحيح أن المراد قرب ملائكته. ووجه ذلك أن قرب الله تعالى صفة عالية لا يليق أن تكون شاملة لكل إنسان، لأننا لو قلنا:

1 / 89