لكِن المعنى: هل تغنيكم شيئًا، هل تنفعكم، هل تستحقّ أن تُعبَد؟ وما أشبهَ ذلكَ، وللبحث بقيَّة تأتي إن شاء اللَّهُ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: على رأي النُّحَاةِ بأنَّ الَّتِي تَنصِب المَفْعُولينِ هي الرؤيةُ القلبيَّةُ، فهنا تصبح القضية ليست مجرد رؤية للإخبار، كأنها اعتقاد؟
نقول: نعم يقولُ: أَعَلِمْتَ هَذَا فأخبِرني به.
إذَن القُرْآن -سبحان اللَّه العظيم- ليسَ مثل بقيَّة الكَلامِ، تجد فيه استفهاماتٍ، أمرًا، تحدياتٍ في السياق، وهذا من إعجازِه في الحقيقةِ؛ لِأَنَّ كل هَذِهِ الاختلافات في الكَلام تُوجِب إثارةَ الإنْسَانِ وإقبالَه، ولكن -كما أسْلَفنا- لِمَن يَقْرَؤُه عن قلبٍ، أمَّا مَن يَقرؤه عن بَصَرٍ فقطْ بدونِ بَصير فهذا لا يَستفيدُ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: في قوله: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ [الروم: ٤٩]، لماذا كُررت (من قبل) مرتين؟
الجواب: قوله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ﴾ التكرار هَذَا يَكُون لفائدةٍ وغرضٍ، ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ فيها خلاف هل هي الأُولى أوله ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ غير الأولى، وعلى هَذَا فيَكُون معنى قوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ من قبل أن يُنزَّل عليهم، أي من قبل هَذَا التنزيل، فيَكُون من باب التكرار توكيدًا، وإن كان معنى قوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ يعني من قبل هَذَا الأمر الَّذِي حدث لهم، ليس من قبل أن يُنزَّل، بل من قبل حالهم، فلا يَكُون فيها تكرار.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل الإنْسَانُ المؤمِنُ يُمكِن أنْ يَضِلَّ عند المَوْتِ؟
الجواب: لا يَضِلّ ويَفقِد الإيمان عند المَوْت إلا إنْسَان سَرِيرَتُه باطلةٌ، أَمَّا الإنْسَان