163

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

أَنَّهُمْ لو تركوها لكان الرَّسول قد هداهم اللَّه به، لَيْتَهُمْ لم يَصبِروا هَذَا الصبرَ؛ فإن هَذَا الصبرَ صَبْرٌ على معصيةِ اللَّهِ، لا عن معصيةِ اللَّهِ، وهو مذمومٌ، لا شكَّ أنَّهُ مذمومٌ، فأقول: هَذِهِ الجملة تدلّ على أَنَّهُمْ مُقِرّون بخطرِ رسالةِ النَّبي ﷺ عليهم، ولكنَّهم يَتَمَدَّحون بالصبر عليها، وأنه مع قوَّة تأثير الرِّسَالة هم صبروا على آلهتهم، فلم يُضِلَّهم النَّبي ﵊، فهم مقرّون بخطر الرِّسَالة، ولإقرارهم بخطر الرِّسَالة بَذَلوا مُهَجَهم ورِقابهم لقتالِ الرَّسول ﵊؛ لأَنَّهُمْ لو كانوا يعرِفون أنها ليستْ مؤثِّرةً ما احتاجوا إلى أَنَّهُمْ يخرجون لقتال الرَّسولِ، ولقالوا: الأمر هيِّن، هَذَا مثل المجنون الَّذِي لا يؤثّر ولا يتبعه أحدٌ.
قوله ﷿: ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ أي معبوداتنا، والآلهة تطلَق على المعبودِ، لكِن تطلق إطلاقًا مجازيًّا على المعبود بغير حقٍّ، وإطلاقًا حقيقيًّا على المعبود بحقٍّ، ولهذا الرُّسُل-صَلَّى اللَّه عليهم وسلم- يَقُولُونَ لأقوامهم: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩]، ما معنى ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾؟ أي من معبود حقيقة غير اللَّه، أَمَّا معبوداتكم الَّتِي تعبدونها فهَذِهِ معبودات لكنها ليستْ حقًّا، وقولنا: لكِن تطلق إطلاقا مجازيًّا هَذَا التعبير خطأ، ما دام أنَّا قُلْنا: إِنَّهُ لا مجاز في القُرْآن، لكِن تنزُّلًا على حَسَب كَلامهم هم يدَّعون أنها آلهة، ولكنها حقًّا ليست آلهةً، فالتعبير الصحيح أن نقولَ: إن آلهتهم سَمَّوْها آلهةً باعتقادِهِم، وإلَّا فليستْ آلهةً.
قوله: ﴿لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ يعني حَبَسْنا أنفسَنا عليها، قال المُفَسِّر ﵀: [لَصَرَفَنا عنها]، استفدنا من قول المُفَسِّر ﵀: [لصرفنا] أن ﴿لَوْلَا﴾ شرطية، وأن جوابها محذوف، و﴿أَنْ صَبَرْنَا﴾ مَحَلّها من الإعراب مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا.

1 / 168