Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan
تفسير العثيمين: الفرقان
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
لَكِنَّهُ بمعنى اسْمِ المَفْعُولِ على رأي المُفَسِّر، ويمكن أن يقال: إِنَّهُ مصدر على بابِه، ويَكُون من باب المبالغةِ، كأَنَّهُمْ ما جَعَلُوا الرَّسولَ مَحَلًّا للهُزو، يعني مهزوءًا به، بل جعلوه نفسه هو نفس الهزو، وهذا من باب المبالغةِ، كما تقول: فلان عدلٌ، وفلان رِضًا، يعني من باب المبالغةِ، كأنه هو العدل، لا أَنَّهُ مَحَلّ العدل، وكأنه الرضا، لا محلّ الرضا، وكذلك فلان ثِقَةٌ، فثقة مصدر بمعنى موثوقٍ به، لكنَّه من باب المبالغةِ، المعنى أن هَؤُلَاءِ لا يرونَ الرَّسول ﷺ إلا محلَّ استهزاءٍ، والعياذُ باللَّهِ، كأنه لُعبة عندهم.
يَقُولُونَ: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [في دعواه محُتقِرِينَ له عن الرِّسَالةِ]، والعياذ باللَّهِ، ﴿أَهَذَا﴾ هو تفيد التحقيرَ، فمحلُّ الاستفهامِ للتحقيرِ، وهو متضمِّن للنفيِ، يعني لا يمكن أنْ يُبعثَ مثل هَذَا الرَّسول، وهذا كَقَوْلِهِ: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١]. ولا شكَّ أن هَذَا من جملةِ الشُّبَه الَّتِي يَحتجُّون بها، وهي لا تَنطَلي على أحدٍ؛ لأننا نعلمُ أن مُحَمَّدًا ﷺ أعظمُ الخَلْقِ، وأحقُّهم بالرِّسَالةِ، فإن اللَّه ﷾ يقول: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤]، فللرسالة محلُّ، فهذا النَّبي ﷺ نؤمِن بأنه أعظمُ الخَلق وأحقُّهم بالرِّسَالة، ولهذا جعلها اللَّه فيه، جعل اللَّه فيه أعظمَ الرسالاتِ، فَهُوَ أعظم من كلِّ ما يختلِقونه، لكِن من المعلوم أن المكابِرَ والمكذِّب يأتي بكل شُبهةٍ، سواء كانت حقيقةً أم غير حقيقةٍ.
وقوله: ﴿أَهَذَا الَّذِي﴾ (هذا) اسْم إشارة للقريبِ احتقارًا أيضًا؛ لِأَنَّ اسْم الإشارة يأتي للقريبِ أحيانًا للاحتقار، وأحيانًا للتعظيم والمودَّة، وكذلك اسْم الإشارة للبعيد يأتي لما هو قريب من باب التعظيمِ، مثل قوله تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ
1 / 166