214

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

قلنا: هذا حقٌّ بالنسبة لظاهِرِ الكَّلامِ، لكن عندَ التأَمُّلِ نجِدُ أن ختِامَهُ بالعِزَّةِ والحكمَةِ أبلغُ، فإنهم يُريدونَ الاستِنْصارَ بهذه الأصنامِ والغَلبةَ والظهورَ، وأكبرُ شاهد لذلك قولُ أبي سفيان يوم أحد: (اعْلُ هُبَلْ) (^١)، فاعتزازهم بهذه الأصنام مقابلٌ بعزَّةِ مَنْ لا يُغْلَب وهو اللَّه جَلَّ وَعَلَا، ولهذا قال: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالبُ لهذَهِ الأصنامِ ولعَابِدِيها.
و﴿الْعَزِيزُ﴾ من أسماءِ اللَّه ﷿، ويتَضَمَّنُ العزَّة مِنْ ثلاثةِ وُجوهٍ: عزَّةُ القَدْر، وعزَّةُ القَهرِ، وعزَّة الامتِنَاعِ، كما تقدم.
أما عِزَّةُ القَدْرِ فمعناها: أنه ﷿ لا يُشْبِهُه أحدٌ في عَظَمَتِهِ وجلالِه وقَدْرِه، وأما عزَّة القَهْرِ فمعناها: أنه لا أَحَدَ يُشْبِهُ اللَّه ﷿ في قَهْرهِ وسُلطانِهِ ومُلكِهِ، وأما عزَّة الامتْناع فمعناها: أنه ﷾ ممتَنِعٌ عن كُلِّ نَقْصٍ وعن كلِّ عَيْبٍ، فهو عزيزٌ أن يُنال بعَيْبٍ أو نَقْصٍ.
وقوله: ﴿الْحَكِيمُ﴾ دائمًا يَقْرِنُ اللَّه ﷿ العَزّة بالحِكْمَةِ؛ لأن بعضَ أهلِ العِزَّةِ من الخَلْقِ تحْمِلُهم العزَّةُ على التَّهَوُّرِ وعدمِ التَّثَبُّتِ، وعدمُ تنزيلِ الأشياءِ منازَلَها، ودليلُ ذلكَ قولُه ﷿: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٦]، وكون العِزَّةِ تأْخُذُه بالإثمِ خلاف الحكمة، فلهذا يَقْرِنُ اللَّه ﷾ دائمًا العزيزَ بالحكيمِ إشارةً إلى أن عِزَّتَهُ ﵎ مَقْرُونَةٌ بالحِكمةِ، فهو وإن كانَ عَزِيزًا غالِبًا قاهِرًا لَهُ السلطانُ الكامِلُ، فإنه ﷿ لا يُدَبِّرُ الأمرَ إلا على وجْهِ الحِكمةِ البالِغَةِ.
ثم إنه على تَفْسيرنا ﴿الْحَكِيمُ﴾ بأنه ذُو الحُكم والحِكمة، فإن عِزَّتَهُ ﷿

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة أُحد، رقم (٣٨١٧).

1 / 218