Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut
تفسير العثيمين: العنكبوت
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
والمثْبَتُ هو جِهةُ العُلُوِّ التي لا تُحيط به، أما جِهة السُّفْلِ فمُمْتَنِعَة، وأما جِهةُ العلُّو التي تُحيطُ به فممتَنِعَةٌ أيضًا؛ لأنَّ اللَّه ﷾ ليس فوقَهُ شيءٌ.
إذنْ: كيفَ نُؤَوِّلُ قوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّي﴾؟ القولُ الصحيحُ الرَّاجحُ أن قوله: ﴿إِلَى رَبِّي﴾، أي: إلى دِينِهِ، أي: إلى مكانٍ فيهِ دِينُ اللَّه، كقوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: ٤٠]، أي: مَنْ ينْصُرُ دِينَهُ، وليس المرادُ أن دِينَ اللَّهِ موجودٌ في كل بُقْعَةٍ، ولو كان دِينُ اللَّهِ موجودًا في كلِّ بُقْعَةٍ ما خَرج ﵇ مِن مَكانِهِ.
فالحاصلُ: أن الإنسانَ المهاجِرَ إلى دينِ اللَّه يلتَمسُ المكان الذي يُقيمُ فيه دِينَهُ، ولذلك صارَتِ المدينةُ دارَ هِجْرةٍ لما أُقيمَ فيها الدِّينُ، ولهذا يقولُ العلماءُ في الهجْرةِ: إنها الانتقالُ من بلدِ الشِّرْكِ إلى بلدِ الإسلامِ حيثُ يُقيمُ دِينَ اللَّهِ ﷿.
وقوله: ﴿مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ (إلى): للغاية، وفيها الإشارةُ إلى حُسنِ نِيَّتِهِ وقصْدِهِ، قال النبي ﵊: "مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ" (^١).
وقَال المُفَسِّر ﵀: [وهَجَرَ قومَه، وهاجَر مِن سَوادِ العِراقِ إلى الشَّامِ]: سوادُ العِراقِ هو العِراقُ نفسه، أي: أرضُ العِراقِ، وسُمِّي سَوادًا لكثْرةِ نَخِيلهِ وأشْجارِهِ، والشَّامُ معروف.
لو قال قائل: وَردَ في الحديثِ أن إبراهيمَ ﵇ قال لزَوجَتِهِ سَارة: "لَيْسَ
(^١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه ﷺ؟ رقم الحديث (١)؛ ومسلم: كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: "إِنَّما الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ"، رقم الحديث (١٩٠٧).
1 / 125