اعقلوا هذه الحقيقة، واعرفوا قدر الدنيا وقدر الآخرة، والمراد بالعقل هنا عقل الرشد لا عقل التكليف؛ لأن هؤلاء يعقلون لكنها ليست عقول رشد.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة؛ وجه ذلك أنه وصف الدنيا بقوله: ﴿لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾، ووصف الآخرة بقوله: ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾.
الفائدة الثانية: أن الدنيا كلها لعب ولهو، لعب في الجوارح، ولهو في القلوب.
الفائدة الثالثة: أنه لا حال للدنيا سوى ذلك، وجه الدلالة الحصر في قوله: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾.
الفائدة الرابعة: أن الدار الآخرة خير للمتقين من الدنيا، وعلى هذا فما يصيبهم في الدنيا من الأذى في الله ﷿، أو أمراض تصيبهم، أو في فقد حبيب، أو ما أشبه ذلك، فإنه في الآخرة ينسى وكأنه لم يكن؛ لأن الدار الآخرة تمحو كل شيء سبق، وكأنه لم يكن.
الفائدة الخامسة: إثبات الدار الآخرة؛ لأن إثبات وصفها يدل على وجود أصلها.
الفائدة السادسة: أن الآخرة خير لهؤلاء المتصفين بالتقوى، ولغيرهم ليست خيرًا، بل هي شر، ولهذا جاء في الحديث: "أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" (^١)، فهي بالنسبة للمؤمن سجن؛
(^١) رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق (٢٩٥٦).