Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
المَلائِكة في قُلوبهم من رُعْب؛ ولهذا قال تعالى: ﴿رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ لأن اللَّه تعالى حجَبَ المَلائِكة عن أَعيُن الناس؛ لأن المَلائِكة تَحضُر مجَالِس الذِّكْر، والملائِكة يَتَعاقَبون في بني آدَمَ بالليل والنهار، والمَلائِكة ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧]، ومع ذلك لا نَراهم؛ لأن اللَّه تعالى حجَبَهم، يَأتينا -إن شاء اللَّهُ تعالى- في الفَوائد أن في هذا دَلالةً بيِّنةً على ضَعْف بني آدَمَ، فأَجرام مَحسوسة مَوْجودة بين أيديهم، بل عن أيمانهم وعن شَمائِلهم، ومع ذلك لا يَرَوْنها.
قال ﵀: [﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ مِن المَلائِكة ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء من حَفْر الخَنْدق، وبالياء من تَحذير المُشرِكين] يَعنِي: فيها قِراءَتان "بِمَا يَعْمَلُونَ" و﴿بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾.
قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ هذه الرِّيحُ هي الريح الشَّرْقية، ولهذا جاء في الحديث: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ" (^١)، الدَّبور: الرِّيح الغَرْبية، يَقول: [بما تَعمَلون بالتاء من حَفْر الخَنْدق] ولكن هذا التَّخصِيصَ لا يَنبَغي، لأَنَّنَا إذا خصَّصنا العُمُوم في الآية قصَرْنا معنَى اللَّفْظ أو قصَرْنا اللَّفْظ على بعض مَعناه، والصوابُ: أنَّها بما تَعمَلون من حَفْر الجنْدق وغيره من كل ما عمِلْتم في هذه الغزوةِ.
قوله تعالى: ﴿بَصِيرًا﴾ أَيْ: عليمًا، أو بما يَعمَلون، يَعنِي: الجُنُود ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ واللَّهُ تعالى بما يَعمَلون بَصير، من التَّحزُّب على النبيِّ ﷺ، والقُدوم إلى بلَد الرسول ﵊، لأَجْل القَضاء عليه على زَعْمهم.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١٠٥)، ومسلم: كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور، رقم (٩٠٠)، من حديث ابن عباس ﵄.
1 / 96