Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [المجادلة: ١ - ٢] فَالسبَب خَاصٌّ، ولكن الحُكْمَ عامٌّ.
وكذلك في السُّنَّة: رأَى النبيُّ ﷺ رجُلًا في السفَر قد ظُلِّل عليه وحولَه زِحام من الناس، فقال: "مَا هَذَا؟ " قالوا: صائِم. فقال ﷺ: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ" (^١)، إلَّا أن قوله ﷺ: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ"، إذا قُلنا: إن العِبْرَة بعُموم اللَّفْظ لا بخصوص السبَب، فإنه يُشكِل على هذا أن النبيَّ ﷺ كان يَصوم في السفَر، كما في حديث أبي الدرداءِ ﵁: ما فينا صائِمٌ إلَّا رسول اللَّه ﷺ وعبدُ اللَّه بنُ رواحةَ (^٢)؛ فكيف نُجيب عن حديث: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ. . ."، هل النبيُّ ﷺ لم يَفعَل بِرًّا؟
الجواب: كلَّا، نَقول -كما أَشار ابنُ دَقيقِ العيدِ ﵀ إلى هذه المَسأَلةِ: إن العِبْرة بعُموم اللفظ، لكن يُراعَى المَعنى الذي من أَجْله ورَدَت هذه الصِّيغةُ (^٣)؛ والمَعنَى هُو المَشَقَّة.
فنَقول: إنَّ العِبْرة بعُموم اللفظ لا بخُصوص السبَب، أي: أنه لا يُخَصُّ هذا الحُكْمُ على هذا الرَّجُلِ بعَيْنه، لكنه عامٌّ في جميع الناس، إلَّا أنه يَجِب أن يُراعَى المعنى الذي من أَجْله ورَدَت هذه الصِّيغةُ العامَّة، وهو المَشقَّة؛ فنَقول: ليسَ البِرُّ
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب قول النبي ﷺ لمن ظُلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصوم في السفر"، رقم (١٩٤٦)، ومسلم: كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، رقم (١١١٥)، من حديث جابر ﵁. (^٢) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر، رقم (١٩٤٥)، ومسلم: كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر، رقم (١١٢٢). (^٣) إحكام الأحكام (٢/ ٢١).
1 / 51