الآية (٣)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: ٣].
* * *
قالَ المُفَسِّر: [﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ في أَمْرك] وكفَى باللَّه وكيلًا حافِظًا لك.
والتَّوكُّل بمَعنَى الاعتِماد مع الثِّقة؛ ولهذا فسَّرُوه بأنه صِدْق الاعتِماد على اللَّه تعالى في جَلْب المَنافِع ودَفْع المَضارِّ مع الثِّقَة باللَّه ﷿ بأن يَكون القَلْب مُعتَمِدًا على اللَّه تعالى لا على غيره في جَلْب المَنافِع، وفي دَفْع المَضارِّ، مع ثِقَته باللَّه ﷾، يَعنِي: واثِقًا بأن اللَّه تعالى سيَكْفيه؛ ولهذا قال ﷾: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣] كافِيه، فإذا صدَقْت اللَّه ﷾ في أنه ﷾ سيَكفيكَ، فهذا هو تمَام التَّوكُّل.
وقوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ جاءَت هذه في القُرآن في عِدَّة مَواضِعَ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا﴾ [المائدة: ٢٣]، وعلى هذا فيَكون التَّوكُّل من العِبادة؛ لأن اللَّه تعالى أَمَر به، وما أَمَر اللَّه تعالى به شَرْعًا فهو من العِبادة، وسيَأتي -إن شاء اللَّه تعالى- في الفوائِد أقسام التَّوكُّل.
وقوله ﷾: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ الباء يَقول أهل الإعراب: إنها زائِدة؛ لتَحسين اللَّفْظ، وإن لَفْظ الجَلالة هو الفاعِل، والتَّقدير: -وكفَى اللَّه شَهيدًا- وَكيلًا حالٌ من الفاعِل، والمَعنَى: ما أَعظَمَ كِفايةَ اللَّه ﷿ في هذا الشيءِ! إن كان