Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
فإن اللَّه تعالى بيَّن في هذه الآيةِ أنَّه لا يُمكِن أن يَدخُل الجنَّة إلَّا بعد هذه الأُمورِ، فيَكون مُتَضمِّنًا لوَعْد اللَّه ﷾ لهُمْ أن يَرَوْا مثل هذه الأَشياءِ التي تُزَلزِلُهم، يَقول تعالى: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾، وهذا دَليل على ثَباتهم وإيمانهم وصِدْق نَواياهم، لكِنِ المُنافِقون تَقدَّم أنهم كانوا يَهزَؤُون بالرسول ﵊ لما ضَرَب الحجَر الذي اعتَرَضهم في حَفْر الخَنْدق، وقال: إنه رأَى مَدائِن كِسرى وقُصورَ قَيصرَ واليَمَن؛ فقالوا: ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ يَقول: يُريد أن يَملِك اليَمَن والشام والعِراق وهو الآنَ مُضَيَّق عليه هذا التَّضييقَ! ! هذا كَذِب! وليس بصحيح؛ لكنَّ المُؤمِنين قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾، فهُمْ عكسُ هؤلاءِ المُنافِقين الذين قالوا: ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ الصِّدْق هو الإِخبارُ بالواقِع على حَسب ما هو واقِع، وإن شِئْت فقُلْ: هو الإِخْبار المُطابِق للواقِع، وضِدُّه الكذِب؛ ويُقال: صَدَقَني الحديثَ. وصدَّقني الحديثَ. وبينهما فَرْق (صدَقَني الحديثَ) يَعنِي: أَخبَرني بالصِّدْق، و(صدَّقني الحديث) يَعنِي: قال: إن ما حدَّثْته به صِدقٌ، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ [آل عمران: ١٥٢] مَعنَى ﴿صَدَقَكُمُ﴾: أَخبَرَكم بالصِّدْق وبيَّن لكم أنَّ ما وعَدَكم به حَقٌّ، حين حسَسْتُموهم بإذْنه.
وقوله تعالى: ﴿وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ في هذه الجُملةِ ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ سِيق هذا الكَلامُ على سبيل المَدْح، ولكنه قد يُشْكِل على بعضِهم: كيف قَرَن وَعْد رسول اللَّه ﷺ بوَعْد اللَّه تعالى بالواو؛ وقَرَن أيضًا صِدْق رسول اللَّه ﷺ بصِدْق اللَّه ﷾ بالواو؟ وقد قال النبيُّ ﷺ لرجُلٍ حين قال له:
1 / 169