الآية (٢١)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].
* * *
قولُه ﵀: [﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ﴾ بكَسْر الهَمْزة وضَمِّها] ﴿لَقَدْ﴾ اللَّه مُوطِّئة للقَسَم، و(قَدْ) للتَّحقيق، وعلى هذا فالجُمْلة مُؤكَّدة بثلاثةِ مُؤكِّدات وهي: القسَم المُقدَّر واللَّام و(قَدْ).
وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ﴾: ﴿كَانَ﴾ فِعْلٌ ماضٍ، وكيف يَتوَجَّه أن يَكون فِعْلًا ماضِيًا والتَّأسِّي بالرسول ﷺ مُستَمِرٌّ دائِمٌ، والمَعروف أن الفِعْل الماضِيَ قد انقَضَى زمَنُه، فيُقال -واللَّه أَعلَمُ-: لقد كان لكُم في عِلْم اللَّه تعالى وفي شَرْع اللَّه ﷿ أُسْوةٌ حسَنةٌ.
وقوله تعالى: ﴿في رَسُولِ اللَّهِ﴾ ولم يَقُل: في محُمَّد. ولم يَقُل: في النَّبيِّ. إشارةً إلى أنَّ الأُسْوة فيه ﵊؛ لأنه رَسولُ اللَّه تعالى، فإذا الوَصْفُ يُفيد العِلِّيَّة أي: أنَّ عِلَّة الأُسْوة كونُه رسولَ اللَّه ﷺ، وإلَّا ما كان علينا أن نَتَأسَّى به؛ لأنه رَجُل من الناس؛ لكن لأنه رَسول اللَّه تعالى كان لنا فيه أُسْوة حَسَنة.
وقوله ﷾: "إِسْوَةٌ" بكَسْر الهَمْزة وضمِّها قِراءتان سَبْعيَّتان؛ لأن طريق المُفَسِّر ﵀ إذا عبَّر بهذا التَّعبيرِ فالقِراءَتان سَبْعِيَّتان مُتساوِيتان، أمَّا إذا قال: (قُرِئَ)