وقوله ﷾: ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾ هذه حال من الواو في قوله تعالى: ﴿سَلَقُوكُمْ﴾، وما المُراد بالخَيْر هنا؟
يَقول المُفَسِّر ﵀: الغَنائم التي أَصابها المُسلِمون بانتِصارهم؛ قال تعالى: ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ حَقيقة، ولو آمَنوا، أَقول: (ولَوْ آمَنوا) ما فعَلوا هذا الفِعْلَ، ولمَا كانوا يَخافون من البَأْس، ولا كانوا يَدَّعون ما لا يَستَحِقُّون فيما إذا انتَهَتِ المَعْركة.
وقوله ﷾: ﴿فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ يَعنِي: أَبطَلها؛ حتى لا يَنتَفِعوا بها، وكان ذلك الإِحْباطُ على اللَّه ﷿ يَسيرًا [بإِرادته]، فهو يَسير على اللَّه ﷿؛ لأنه ﷿ لا يَخْشَى من أحَدٍ، كما قال تعالى في قول قوم صالِحٍ ﵇: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ [الشمس: ١٤ - ١٥] فلا يَخاف ﷿ من عاقِبته، بِخَلاف المَخلوق، فالمَخلوق قد يُنكِّل بشَخْص ويُعاقِبه، ولكنه يَخْشَى من عاقِبته؛ فيَخْشى من قبيلتِهِ، ويَخشَى من الغَدْر به، وما أَشبَه ذلك؛ أمَّا الرَّبُّ ﷿ فإن كلَّ أَمْير يَسيرٌ عليه، ولا يَخافُ من أحَدٍ حين يَنتَقِم منه.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: في هذه الآيةِ دليلٌ على بُخْل المُنافِقين بما يَنفَع المُؤمِنين، وأنَّهم لا يَأتونهم إلَّا عن كَراهية، كالشَّحيح في بيع الماء كقَوْله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: جُبْن المُنافِقين، وأنهُم في غاية الجُبْن؛ لقوله ﷾: ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ إلى آخِره، وبهذا نَعرِف أنهم أحَقُّ الناس بما وَصَفُوا به النَّبيَّ ﵊ وأصحابه حيث قالوا: "ما رَأَيْنا مِثْلَ قُرَّائِنا هؤلاءِ أَرْغَب بُطُونًا